الناس (١).
٧ ـ إنّ التعبير عن الخروج على الإمام المفترض طاعته بـ « الخلافة » ، كما أنّ التعبير عن التمرّد والشغب بـ« تشكيل الدولة » مصادرة على المطلوب والمشي على الدعوى المسبقة بلا برهان ، فيطيب لي أن أذكر نصّ الكاتب الّذي يصوَّر أنَّه كان للخوارج دولة بعد رفض التحكيم. قال :
« أصبحت الاُمّة الإسلامية منقسمة إلى ثلاث دول : دولة أسّسها معاوية وإن لم يبايعه عليها أحد إلى ذلك الحين ، ودولة يرأسها علي بن أبي طالب بعد أن فشلت في نظره حكومة الحكمين ، عاد فاستمسك بالبيعة الاُولى (٢) دون أن يعترف بعزل أبي موسى الأشعري له مندوبه في قضيّة التحكيم ، ودولة يرأسها عبد الله بن وهب الراسبي بعد أن بايعه جمع كبير من الذين انفصلوا عن علي ، عند قبول التحكيم ، ثم عند اعلان الحكم بعزل علي عن الخلافة ، ومع كلّ فرقة من هذه الفرق جمع غير قليل من كبار الصحابة وفيهم بعض المشهود لهم بالجنّة.
على أنّ هناك فريقاً رابعاً اعتزلوا هذا النقاش الّذي وقع بين المسلمين وبعدوا عن قضية الخلافة فلم يطلبوها لأنفسهم ، ولم يؤيّدوا واحداً من طالبيها ، ومن هذا الفريق السادة سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر ، ومحمّد بن مسلمة الأنصاري واُسامة بن زيد » (٣).
إنّ الكاتب ادّعى لابن وهب مقاماً ليس له أثر في التاريخ ولا في كلمات الخوارج حتى في نفس المجلس الّذي بايعوه ، فإنّ البيعة لم تكن إلاّ لأن يكون
__________________
١ ـ علي يحيى معمّر : الاباضية في موكب التاريخ ، الحلقة الثالثة : ٢٨٣ ـ ٢٨٣.
٢ ـ فأي معنى للاستمساك بالبيعة الاُولى إذا خلع نفسه بمرأى ومنظر من الناس ياترى ، أو ليس هذا دليلاً على أنّ الإمام لم يخلع نفسه في وجدان الكاتب؟
٣ ـ علي يحيى معمّر : الاباضية في موكب التاريخ ، الحلقة الأولى : ٢٤.