و قال تعالى : ( إنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلال بَعِيد ) (١).
وقال ( الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللهِ إلهاً آخر ... وَلكِن كَانَ فِي ضَلال بَعيِد ) (٢).
فظهر من ذلك أنّ الضلال البعيد مفهوم ينطبق على الجاحد مشركاً كان أم كافراً غير مشرك ، ولا ينطبق على المؤمن بكل ما أنزل الله غير أنَّه غلب عليه هواه فركب الكبيرة.
٢ ـ قال سبحانه : ( وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وانَّهُ لَفِسْقٌ وانَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إلَى أوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وانْ أَطَعْتُمُوهَمْ إنَّكُمْ لمُشْرِكُونَ ) (٣).
قالوا : إنّ معنى الآية انّكم إن أطعتموهم بأكل الميتة فأنتم أيضاً مشركون.
يلاحظ عليه : أنّ المراد هو الإطاعة في استحلال الميتة لا في أكلها ، ولا شك انّ المستحلّ لما حرّم الله مشرك وذلك لما قرّرنا في محلّه انّ التقنين والتشريع من فعله سبحانه وليس في عالم التشريع مشرّع سواه ، فالمستحلُّ للميتة يصوّر ندّاً لله سبحانه ، لا في الذات والصفات بل في الأفعال ويشرك الغير معه في اعطاء فعله لغيره.
ويوضحه قوله سبحانه : ( اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ ورهْبانَهُمْ أرْباباً مِن دُون اللهِ والمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ ) (٤) فقد ورد في تفسيره انّهم ما صلّوا ولا صاموا للأحبار والرهبان ، بل أطاعوهم في تحليلهم الحرام وتحريمهم الحلال (٥).
__________________
١ ـ الشورى : ١٨.
٢ ـ ق : ٢٦ ـ ٢٧.
٣ ـ الأنعام : ١٢١.
٤ ـ التوبة : ٣١.
٥ ـ الطبرسي : مجمع البيان ٣ / ٢٣.