وأحكام ـ التصديق القلبي ، فيحرم دمه وماله وتحلّ ذبيحته وتصحّ مناكحته إلى غير ذلك من الأحكام الّتي تترتّب على التصديق القلبي إذا أظهره بلسانه أو وقف عليه الغير بطريق من الطرق ، وامّا كون ذلك موجباً للنجاة يوم الحساب فلا ، فإنّ للنجاة في الحياة الاُخروية شرائط اُخرى تكفّل ببيانها الذكر الحكيم والسنّة الكريمة.
وبذلك يفترق عن قول المرجئة الذين اكتفوا بالتصديق القلبي أو اللساني واستغنوا عن العمل ، وبعبارة اُخرى قدَّموا الإيمان واخَّروا العمل ، فهذه الطائفة من أكثر الطوائف خطراً على الإسلام واهله ، لأنّهم بإذاعة هذا التفكير بين الشباب ، يدعونهم إلى الإباحية والتجرّد عن الأخلاق والمثل الاسلامية ، ويعتقدون أنّ الوعيد خاص بالكفّار دون المؤمنين ، فالجحيم ونارها ولهيبها لهم دون المسلمين ، ومعنى هذا أنّه يكفي في النجاة الإيمان المجرّد عن العمل ، وأيّ خطر أعظم من ذلك؟
وعلى ضوء ذلك يظهر المراد ممّا رواه البخاري عن عبد الله بن عمر ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : بُني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله ، واقامة الصلاة وايتاء الزكاة والحج وصوم رمضان (١) فإنّ المراد من الإسلام ، ليس هو الإسلام المقابل للإيمان في قوله سبحانه : ( قَألتِ الأعرابُ آمَنَّا قُل لَمْ تَؤْمِنوا ولكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا ولمَّا يَدْخُل الإيمانّ فِي قُلُوبِكُمْ ) (٢) ولا الإسلام والإيمان بأقل درجاتهما الّذي له أحكام خاصّة ، بل الإيمان المنجي لصاحبه من العذاب الأليم. وهذا لايضر بما قلنا من أنّ مقوّم الإيمان ، هو العقيدة القلبية. وإليه ينظر ما روي عن الإمام الصادق من
__________________
١ ـ البخاري : الصحيح ١ / ١٤ كتاب الإيمان.
٢ ـ الحجرات : ١٤.