من جانب العمل ، فأين إيمان من لايعصي الله سبحانه طرفة عين بل لايخطر بباله العصيان ، من المؤمن التارك للفرائض والمرتكب للكبائر.
نعم لاننكر انّه ربّما يؤدّي ترك الفرائض ، وركوب المعاصي ، مدّة طويلة إلى الالحاد والانكار والتكذيب والجحد قال سبحانه : ( ثُمَّ كَانَ عَـقِبَةَ الَّذِينَ أَسَـئُواْ السُّوأَى أَن كَذَّبُواْ بِئَايَـتِ اللهِ وَكَانُواْ بِهَا يَسْتَهْزِءُونَ ) (١).
إنّ وزان « العقيدة والعمل الصالح » وزان الجذور والسيقان في الشجرة فكما أنّ تقوية الجذور مؤثّرة في قوّة السيقان ، وكمال الشجرة وجود ثمرتها ، فكذلك تهذيب السيقان ورعايتها بقطع الزوائد عنها وتشذيبها ، وتعرّضها لنور الشمس ، مؤثّرة في قوّة الجذور ، إنّها علاقة تبادليّة بين العمل والعقيدة كالعلاقة التبادليّة بين الجذور والسيقان.
أجل ذلك هو الحال بالنسبة إلى تأثير الإيمان في العمل ، وهكذا الحال بالنسبة إلى تأثير العمل في الاعتقاد ، فإنّ الّذي ينطلق في ميدان الشهوة بلاقيد ، ويمضي في اشباع غرائزه إلى أبعد الحدود ، يستحيل عليه أن يبقى محافظاً على أفكاره واعتقاداته الدينية وقيمه الروحية.
إنّه كلّما ازداد توغّلاً في المفاسد ازداد بعداً عن قيم الدين لأنّها تمنعه عن المضي في سبيله والتمادي في عصيانه ، وهكذا يتحرّر عن تلك المعتقدات شيئاً فشيئاً وينسلخ منها وينبذها وراءه ظهرياً.
وقد أشارت الآية الكريمة إلى هذه الحقيقة أيضاً.
وبهذا يعتبر الفصل بين العمل ، والكفر ، بين العقيدة والسلوك ، نظرية خاطئة ناشئة من الغفلة عن التأثير المتقابل بين هذين البعدين.
__________________
١ ـ الروم : ١٠.