خلف كل برّ وفاجر من أهل القبلة .. إلى أن قال : ولا ننزع يداً من طاعتهم ، ونرى طاعتهم من طاعات الله عزّوجلّ فريضة علينا مالم يأمروا بمعصية » (١).
٣ ـ وقال أبو اليُسر محمّد بن عبد الكريم البزدوي : « الإمام إذا جار أو فسق لاينعزل عند أصحاب أبي حنيفة واجمعهم ، وهو المذهب المروي » (٢).
إلى غير ذلك من الكلمات الّتي وقفت على بعضها في الجزء الأوّل ـ من هذه الموسوعة ـ عند البحث عن طاعة السلطان الجائر وهي بين مطلق ومقيّد فيما إذا لم يأمر بمعصية.
وهذه النظرية حيكت على طبق الروايات الواردة في الصحاح والمسانيد ، واليك بعضها :
أ ـ روى مسلم في صحيحه : بسنده عن حذيفة بن اليمان قال : قلت : « يا رسول الله ، إنّا كنّا بشرٍّ فجاء الله بخير فنحن فيه ، فهل من وراء هذا الخير شرّ؟ قال : نعم قلت : هل وارء ذلك الشرّ خير؟ قال : نعم قلت : فهل وراء ذلك الخير شرّ؟ قال : نعم قلت : كيف؟ قال : يكون بعدي أئمّة لايهتدون بهداي ولا يستنّون بسنّتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس. قال : قلت : كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال : تسمع وتطيع للأمير ، وإن ضرب ظهرك واخذ مالك فاسمع واطع » (٣).
ب ـ روى أيضاً عن سلمة بن يزيد الجعفي ، أنّه سأل رسول الله ، فقال : « يا نبيّ الله ، أرأيت إن قامت علينا اُمراء يسألونا حقّهم ويمنعونا حقّنا فما تأمرنا؟ فأعرض عنه ، ثمّ سأله فأعرض عنه ، ثمّ سأله في الثانية أو في الثالثة فجذبه
____________
١ ـ أبو جعفر الطحاوي : شرح العقيدة الطحاوية ١١٠ طبع دمشق.
٢ ـ الإمام البزدوي (إمام الفرقة الماتريدية) : اُصول الدين ١٩٠ طبع القاهرة.
٣ ـ مسلم : الصحيح ٣ / ١٤٧٦ ، كتاب الإمارة ، الباب ١٣ ، الحديث ١٨٤٧.