الأخذ بنتيجته عين التوحيد والتديّن ، كل ذلك يعرب عن وجود العمى في القلوب والصمم في الأسماع.
ثمّ انّ الإمام لم يكتف ببعث ابن عمه بل قام بنفسه بهذا الأمر الخطير ، فركب علي عليهالسلام إلى حروراء ، فخاطبهم بقوله : ألا تعلمون أنّ هؤلاء القوم لمّا رفعوا المصاحف ، قلت لكم إنّ هذه مكيدة ووهن ، وانّهم لو قصدوا إلى حكم المصاحف لآتوني وسألوني التحكيم؟ أفتعلمون أنّ أحداً كان أكره للتحكيم منّي؟ قالوا : صدقت ، قال : فهل تعلمون أنّكم استكرهتموني على ذلك حتى أجبتكم إليه ، فاشترطت أنّ حكمهما نافذ ما حكما بحكم الله ، فمتى خالفاه ، فأنا وانتم من ذلك براء ، وانتم تعلمون أنّ حكم الله لايعدوني ، قالوا : الّلهم نعم ، قال : وكان معهم في ذلك الوقت ابن الكواء (قال : وهذا من قبل أن يذبحوا عبدالله بن خباب ، وانّما ذبحوه في الفرقة الثانية بـ « كسكره ») فقالوا له : حكمت في دين الله برأينا ونحن مقرّون بأنّا كنّا كفرنا ، ولكنّا الآن تائبون فَأَقِرّ بمثل ما أقررنا به ، وتب ننهض معك إلى الشام ، فقال : « أما تعلمون أنّ الله تعالى قد أمر بالتحكيم في شقاق بين رجل وامرأته » ، فقال سبحانه : ( فَابْعَثُوا حَكَمَاً مِنْ أهْلِهِ وحَكَمَاً مِنْ أهلِهآ ) وفي صيد اصيب كأرنب يساوي نصف درهم فقال ( يَحْكُمْ بِهِ ذَوا عَدْل مِنْكُمْ ).
فقالوا له : فإنّ عمراً لمّا أبى عليك أن تقول في كتابك : « هذا ما كتبه عبدالله علي أميرالمؤمنين » محوت اسمك من الخلافة وكتبت « علي بن أبي طالب » فقد خلعت نفسك ، فقال : لي في رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أسوة حين أبى عليه سهيل بن عمرو أن يكتب : « هذا كتاب كتبه محمّد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وسهيل بن عمرو » وقال له : لو أقررت بأنّك رسول الله ما خالفتك ، ولكنّي اُقدمّك لفضلك ، فاكتب « محمّد بن عبدالله »