«ولهذا المعنى صارت فاتحة الكتاب أمّ الكتاب ، لأن فيها الأقسام الثلاثة : فأما التوحيد فمن أولها إلى قوله : (يَوْمِ الدِّينِ). وأما الأحكام ف (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) ، وأما التذكير فمن قوله : (اهْدِنَا) إلى آخرها : فصارت بهذا أمّا ؛ لأنه (١) يتفرع عنها كل نبت وقيل : صارت أمّا لأنها مقدّمة على القرآن بالقبلية ، والأم قبل البنت. وقيل : سميت فاتحة لأنها تفتح أبواب الجنة على وجوه مذكورة في مواضعها».
وقال أبو الحكم بن برّجان (٢) في كتاب «الإرشاد» : «وجملة القرآن تشتمل على ثلاثة علوم : علم أسماء الله تعالى وصفاته ، ثم علم النبوة وبراهينها ، ثم علم التكليف والمحنة». قال : «وهو أعسر لإغرابه وقلة انصراف الهمم إلى تطلبه [من مكانه] (٣)».
وقال غيره : القرآن يشتمل على أربعة أنواع من العلوم : أمر ، ونهي ، وخبر واستخبار ـ وقيل ستة ـ وزاد الوعد والوعيد.
وقال محمد بن جرير الطبريّ : «يشتمل على ثلاثة أشياء : التوحيد ، والأخبار ، والديانات ؛ ولهذا قال [النبي] (٤) صلىاللهعليهوسلم : «(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) (الإخلاص : ١) تعدل ثلث القرآن» (٥) وهذه السورة تشمل التوحيد كلّه».
وقال علي بن عيسى (٦) : «القرآن يشتمل على ثلاثين شيئا : الإعلام ، والتنبيه ،
__________________
(١) في المخطوطة : (وأنه).
(٢) هو عبد السلام بن عبد الرحمن بن عبد السلام اللخمي الإشبيلي المعروف بابن برّجان ـ ضبطه ياقوت بفتح الباء الموحّدة ، وتشديد الراء ، وبعدها جيم. وبعد الألف نون ـ إمام في اللغة والنّحو. أخذ اللغة والعربية عن ابن ملكون ولازمه كثيرا ، وكان من أحفظ أهل زمانه في اللغة مسلما له ذلك. صدوق ثقة. توفي سنة ٦٢٧.
(ابن خلكان ، وفيات الأعيان ٤ / ٢٢٩ ـ ٢٣٧) وكتابه «الإرشاد في تفسير القرآن» ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء ٧ / ٣٢٠ ، وذكره حاجي خليفة في كشف الظنون ١ / ٦٩ وقال : «فيه من الأسرار والخواص ما هو مشهور فيما بين أهل هذا الشأن ، وقد استنبطوا من رموزاته أمورا فأخبره بها قبل الوقوع». والكتاب مخطوط بمكتبة فيض الله بتركيا رقم (٣٥) كتب في القرن التاسع (معجم مصنفات القرآن الكريم ٢ / ١٠٨) ، ومنه قطعة بالخزانة التيمورية ضمن مجاميع برقم (٢١٢) يبدأ بسورة الروم (فهرس الخزانة التيمورية ص ١٦).
(٣) ساقطة من المخطوطة وهي من المطبوعة.
(٤) ساقطة من المطبوعة.
(٥) تقدم تخريج الحديث ص ١١٠.
(٦) هو علي بن عيسى بن علي ، أبو الحسن النحوي المعروف بالرماني. حدّث عن أبي بكر بن دريد وأبي بكر بن السّرّاج