عمرو (١)» (٢). وقال القاضي أبو بكر (٣) : «الفواصل حروف متشاكلة في المقاطع ، يقع (٤) بها إفهام المعاني» انتهى.
وفرّق الإمام أبو عمرو الداني بين الفواصل ورءوس الآي ، قال : «أما الفاصلة فهي الكلام المنفصل ممّا بعده. والكلام المنفصل قد يكون رأس آية وغير رأس. وكذلك الفواصل يكنّ رءوس آي وغيرها. وكلّ رأس آية فاصلة ، وليس كلّ فاصلة رأس آية ؛ فالفاصلة تعمّ النوعين ، وتجمع الضربين ؛ ولأجل كون معنى (٥) الفاصلة [هذا] (٦) ذكر سيبويه في [٨ / ب] تمثيل القوافي (يَوْمَ يَأْتِ) (هود : ١٠٥) و (ما كُنَّا نَبْغِ) (الكهف : ٦٤) ـ وهما غير رأس آيتين بإجماع ـ مع (إِذا يَسْرِ) (الفجر : ٤) ؛ وهو رأس آية باتفاق». انتهى.
وتقع الفاصلة عند الاستراحة في الخطاب لتحسين الكلام بها ؛ وهي الطريقة التي يباين القرآن بها سائر الكلام. وتسمّى «فواصل» ؛ لأنه ينفصل عندها الكلامان ؛ وذلك أن آخر الآية (٧) فصل بينها وبين ما بعدها ، ولم يسمّوها «أسجاعا».
فأما مناسبة «فواصل» ، فلقوله تعالى : (كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ) (فصّلت : ٣) وأما تجنّب «أسجاع» ، فلأن أصله من سجع الطّير ، فشرّف القرآن الكريم أن يستعار لشيء فيه لفظ هو أصل في صوت (٨) الطائر ، ولأجل تشريفه عن مشاركة غيره من الكلام الحادث في اسم
__________________
(١) هو الإمام المقرئ أبو عمرو بن العلاء أحد القراء السبع ، وفي اسمه اختلافات أشهرها أنّه زبّان بن العلاء بن عمّار المازني. ولد سنة (٦٨) أخذ القراءة عن أهل الحجاز وأهل البصرة فعرض بمكة على مجاهد وسعيد بن جبير ، وعطاء وعكرمة بن خالد وابن كثير ، قرأ عليه خلق كثير منهم شجاع البلخي ، وعبد الله بن المبارك. قال أبو عمرو الداني : «إليه انتهت الإمامة في القراءة بالبصرة» توفي سنة (١٥٤) بالكوفة. (الذهبي ، معرفة القراء الكبار ١ / ١٠٠).
(٢) انظر التيسير للداني ص ٢٢٣ ـ ٢٢٤.
(٣) هو القاضي محمد بن الطيب ، أبو بكر الباقلاني تقدمت ترجمته ص : ١١٧ وانظر قوله في كتابه «إعجاز القرآن» ص ٢٧٠ فصل في وصف وجوه من البلاغة ، ومنها الفواصل.
(٤) في المخطوطة : (يتبع).
(٥) العبارة في المخطوطة : (ولأجل ذكر الفاصلة).
(٦) ساقطة من المخطوطة ، وهي من المطبوعة.
(٧) في المخطوطة : (الكلام).
(٨) تصحّفت في المخطوطة إلى (سورة).