السّجع الواقع في كلام آحاد الناس ، ولأن القرآن من صفات الله [عزوجل] فلا يجوز وصفه بصفة لم يرد الإذن بها وإن صح المعنى.
ثم فرقوا بينهما فقالوا : «السّجع هو الذي يقصد في نفسه ثم يحيل المعنى عليه ، والفواصل التي تتّبع المعاني ، ولا تكون مقصودة في نفسها» قاله (١) الرّماني (٢) في [كتاب] (٣) «إعجاز القرآن» ، (٤) [وبنى عليه أنّ الفواصل بلاغة ، والسجع عيب.
وتبعه القاضي أبو بكر الباقلاني (٥) في كتاب «إعجاز القرآن» ،] (٤) ونقل عن الأشعرية امتناع كون في القرآن سجعا. قال : «ونصّ عليه الشيخ أبو الحسن الأشعريّ (٦) في غير موضع من كتبه» قال (٧) : «وذهب كثير من مخالفيهم (٨) إلى إثبات السّجع في القرآن ، وزعموا أن ذلك مما يتبيّن فيه فضل الكلام ، وأنّه من الأجناس التي يقع بها التفاضل في البيان والفصاحة ، كالتجنيس ، والالتفات ونحوها». قال : «وأقوى ما استدلوا به الاتفاق [على] (٩) أنّ موسى أفضل من هارون عليهماالسلام ، ولمكان (١٠) السّجع قيل في موضع : (هارُونَ وَمُوسى) (طه : ٧٠) ولما كانت الفواصل في موضع آخر بالواو والنون قيل : (مُوسى وَهارُونَ) (الشعراء : ٤٨) قالوا : وهذا يفارق أمر الشعر لأنّه لا يجوز أن يقع في الخطاب إلاّ مقصودا إليه ، وإذا وقع غير مقصود إليه كان دون القدر الّذي نسميه شعرا ، وذلك القدر يتفق
__________________
(١) في المطبوعة : (قال).
(٢) هو علي بن عيسى بن علي ، أبو الحسن الرماني تقدمت ترجمته ص ١١١ ، وكتابه «النكت في إعجاز القرآن» ذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» ٢ / ١٩٧٧ وهو مطبوع وسيأتي التعريف به في ٢ / ٢٢٣.
(٣) ساقطة من المخطوطة ، وهي من المطبوعة.
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة وأثبتناه من المطبوعة.
(٥) هو محمد بن الطيب ، تقدمت ترجمته ص ١١٧ ، والكلام عن كتابه ص ١٤٥ وانظر قوله في كتابه ص ٢٧٠.
(٦) هو إمام أهل السّنّة والجماعة أبو الحسن علي بن إسماعيل بن أبي بشر الأشعري ، من سلالة الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري. كان عجبا في الذكاء وقوّة الفهم وهو إمام المتكلمين وناصر سنّة سيد المرسلين ولد سنة (٢٦٠) له مصنّفات جليلة من أهمها : «مقالات الإسلاميين» «خلق الأعمال» «الرد على المجسّمة» وغيرها توفي سنة ٣٢٤ وقيل : ٣٣٠. (الذهبي ، سير أعلام النبلاء ١٥ / ٨٥ ، والسبكي ، طبقات الشافعية ٢ / ٢٤٥).
(٧) الكلام للباقلاني في «الإعجاز» ص ٥٧ ـ ٦٥ فصل في نفي السجع من القرآن.
(٨) في المخطوطة : (المخالفين).
(٩) من المطبوعة.
(١٠) في المطبوعة : (ولمّا كان).