ليناسب رءوس الآي ؛ كقوله تعالى : (سَلاسِلَ وَأَغْلالاً). وهذا مردود ؛ لأن (سَلاسِلَ) ليس رأس آية [١٠ / ب] ، ولا (قَوارِيرَا) الثاني ، وإنما صرف للتناسب ، واجتماعه ، مع غيره من المتصرفات (١) ، فيردّ إلى الأصل (٢) ليتناسب معها.
ونظيره في مراعاة المناسبة أنّ الأفصح أن يقال : «بدأ» ثلاثيّ ؛ قال الله تعالى : (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) (الأعراف : ٢٩). وقال تعالى : (كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ) (العنكبوت : ٢٠) ثم قال : (أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) (العنكبوت : ١٩) ، فجاء به رباعيّا فصيحا لما حسّنه من التناسب بغيره وهو قوله : (يُعِيدُهُ).
(الحادي عشر) : إمالة ما لا أصل له أن يمال (٣) ؛ كإمالة ألف (وَالضُّحى * وَاللَّيْلِ إِذا سَجى) (الضحى : ١ ـ ٢) ، ليشاكل التلفظ بهما التلفّظ بما بعدهما. والإمالة أن تنحو بالألف نحو الياء ، والغرض الأصليّ منها هو التناسب ، وعبّر عنه بعضهم بقوله : «الإمالة للإمالة». وقد يمال لكونها آخر مجاور (٤) ما أميل آخره ؛ كألف (تلا) في قوله تعالى : (وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها) (الشمس : ٢) ، فأميلت ألف تلاها (٥) [ليشاكل اللفظ بها اللفظ الذي بعدها ، ممّا ألفه غير ياء ؛ نحو (جَلاَّها) (الشمس : ٣) ، و (فَغَشَّاها) (النجم : ٥٤). فإن قيل : هلاّ جعلت إمالة (تَلاها)] (٥) لمناسبة ما قبلها ، أعني (ضُحاها) (النازعات : ٢٩)؟ قيل : لأن ألف (ضُحاها) عن واو ، وإنما أميل لمناسبة ما بعدها (٦).
(الثاني عشر) : العدول عن صيغة المضيّ إلى الاستقبال ، كقوله تعالى : (فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ) (البقرة : ٨٧) ؛ حيث لم يقل «وفريقا قتلتم» كما سوّى بينهما في سورة الأحزاب فقال : (فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً) (الآية : ٢٦) ؛ وذلك لأجل أنها (٧) رأس آية.
__________________
ـ د. عبد العظيم الديب في الدوحة بقطر عام ١٣٩٩ ه / ١٩٧٩ م في مجلدين ، (١٤٦٦) صفحة ، وطبع ثانية بدار الأنصار بالقاهرة عام ١٤٠٢ ه / ١٩٨٢ م.
(١) في المخطوطة : (التصرفات).
(٢) في المخطوطة : (الأول).
(٣) العبارة في المطبوعة : (إمالة ما أصله ألاّ يمال).
(٤) في المخطوطة : (مجاوز).
(٥) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة ، وهو من المطبوعة.
(٧) في المطبوعة : (ما بعده).
(٨) العبارة في المطبوعة : (لأجل أنها هنا).