النار : إنهم عشرون ، وإنما جعلهم الله تسعة عشر لرأس الآية ، ما كان هذا القول إلا كقول الفرّاء (١)».
قلت : وكأنّ الملجئ للفرّاء إلى ذلك قوله تعالى : (وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى) (النازعات : ٤٠ ـ ٤١) ، وعكس ذلك قوله تعالى : (فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى) (طه : ١١٧) ؛ على أنّ هذا قابل للتأويل ؛ فإن الألف واللام للعموم ، خصوصا أنه يرد على الفرّاء قوله : (ذَواتا أَفْنانٍ) (الرحمن : ٤٨).
(الثامن) : تأنيث ما أصله أن يذكّر ، كقوله تعالى : (كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ) (المدّثر : ٥٤) [أي تذكير] (٢) ؛ وإنما عدل إليها للفاصلة.
(التاسع) كقوله : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى [* الَّذِي خَلَقَ]) (٣) [الأعلى : ١ ـ ٢] ، قال في العلق (٤) : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) (الآية : ١) ، فزاد في [السورة] (٥) الأولى (الْأَعْلَى) ، [وزاد في الثانية : (خَلَقَ)] (٦) مراعاة للفواصل في السورتين ، وهي «سبّح» : (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى) (٢) وفي «العلق» (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ) (٢).
(العاشر) : صرف ما أصله ألاّ ينصرف ؛ كقوله تعالى : (قَوارِيرَا* [قَوارِيرَا]) (٧) (الإنسان : ١٥ ـ ١٦) صرف الأول لأنّه آخر الآية ، وأجرى الثاني بالألف ، فحسن جعله منوّنا ليقلب تنوينه ألفا ، فيتناسب مع بقية الآي ، كقوله تعالى : (سَلاسِلَ وَأَغْلالاً) (الإنسان : ٤) فإن (٨) (سَلاسِلَ) لما نظم إلى (أَغْلالاً وَسَعِيراً) (الإنسان : ٤) صرف ونوّن للتناسب (٩) [وبقي (قَوارِيرَا) الثاني ؛ فإنه وإن لم يكن آخر الآية جاز صرفه ، لأنه لما نوّن (قَوارِيرَا) الأوّل ناسب] (٩) أن ينوّن (قَوارِيرَا) الثاني ليتناسبا ، ولأجل هذا لم ينوّن (قَوارِيرَا) الثاني إلاّ من ينوّن (قَوارِيرَا) الأوّل.
وزعم إمام الحرمين (١٠) في «البرهان» أنّ من ذلك صرف ما كان جمعا في القرآن
__________________
(١) العبارة في المخطوطة : (إلا كذبا كالفرّاء) ، والعبارة عند ابن قتيبة : (ما كان في هذا القول إلاّ كالفرّاء).
(٢) ساقطة من المطبوعة.
(٣) ساقطة من المطبوعة.
(٤) في المطبوعة : (وقال).
(٥) ساقطة من المطبوعة.
(٦) من المطبوعة.
(٧) من المطبوعة ، وانظر القراءة في «التيسير» ٢١٧.
(٨) في المخطوطة : (قال).
(٩) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة ، وهو من المطبوعة.
(١٠) هو عبد الملك بن عبد الله الجويني ، تقدمت ترجمته ص ١١٨ ، وكتابه «البرهان في أصول الفقه» طبع بتحقيق