علم مستور ، وسرّ محبوب استأثر الله به ، ولهذا قال الصّدّيق [رضياللهعنه] (١) : «في كل كتاب [٢٣ / ب] [سرّ] (١) ، وسرّه في القرآن أوائل السور» (٢). قال الشعبيّ (٣) : «إنها من المتشابه ، نؤمن بظاهرها ، ونكل العلم فيها إلى الله عزوجل».
قال الإمام الرازي (٤) : «وقد أنكر المتكلّمون هذا القول وقالوا : لا يجوز أن يرد في كتاب الله ما لا يفهمه الخلق» لأنّ الله [تعالى] أمر بتدبّره ، والاستنباط منه ؛ وذلك لا يمكن إلا مع الإحاطة بمعناه ، ولأنه كما جاز التعبّد بما لا يعقل معناه في الأفعال ، فلم لا يجوز في الأقوال بأن يأمرنا الله تارة بأن نتكلم بما نقف على معناه ، (٥) [وتارة بما لا نقف على معناه] (٥) ويكون القصد منه ظهور الانقياد والتسليم!
القول الثاني : أن المراد منها معلوم ، [وذكروا] (٥) فيه ما يزيد على عشرين وجها ؛ فمنها البعيد ، ومنها القريب :
الأول (٦) : «ويروى عن ابن عباس [رضياللهعنهما] (٧) أن كل حرف منها مأخوذ من اسم من أسمائه [سبحانه] (٧) ، فالألف من «الله» ، واللام من «لطيف» ، والميم من «مجيد» ، أو الألف من «آلائه» ، واللام من «لطفه» ، والميم من «مجده» (٨). قال ابن فارس (٩) : وهذا وجه جيّد ، وله في كلام العرب شاهد.
قلنا لها قفي فقالت ق (١٠)
فعبّر عن قولها «وقفت» بق.
__________________
(١) ساقط من المخطوطة.
(٢) أخرجه الطبري في تفسيره ١ / ٦٨ ولم يسنده للصّديق رضياللهعنه. لكن أسنده له البغوي في تفسيره ١ / ٤٤ والرازي في تفسيره ٢ / ٣.
(٣) هو عامر بن شراحيل الشعبي ، تقدمت ترجمته ص ١٠١. أخرج ابن المنذر وأبو الشيخ بن حبان في التفسير عن داود بن أبي هند قال : «كنت أسأل الشعبي عن فواتح السور ، قال : يا داود! إن لكل كتاب سرّا ، وإن سرّ هذا القرآن فواتح السور ، فدعها وسل عما بدا لك» (انظر الدر المنثور للسيوطي ١ / ٢٣).
(٤) هو محمد بن عمر بن الحسين الرازي ، تقدمت ترجمته ص ١٠٦ ، وانظر قوله في التفسير الكبير ٢ / ٣.
(٥) ساقطة من المخطوطة.
(٦) في المطبوعة : (أحدها).
(٧) ساقطة من المخطوطة.
(٨) انظر الدر المنثور ١ / ٢٢.
(٩) هو أحمد بن فارس بن زكريا ، تقدمت ترجمته ص ١٩١ ، وانظر قوله في «الصاحبي» ص ٩٣ ـ ٩٦ باب القول على الحروف المفردة وكذلك بقية الأقوال أوردها الزركشي نقلا عن «الصاحبي».
(١٠) في المخطوطة : (قاف) ، والبيت للوليد بن عقبة انظر «الخصائص» ١ / ٣٠ ، وسيأتي في ٣ / ١٩٠.