الأعمش (١) عن إبراهيم (٢) عن علقمة قال : «كلّ شيء نزل فيه (يا أَيُّهَا النَّاسُ) فهو بمكة ، وكل شيء نزل فيه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) فهو بالمدينة» وهذا مرسل قد أسند عن عبد الله بن مسعود ورواه الحاكم في «مستدركه» في آخر كتاب الهجرة عن يحيى بن معين ، قال : حدثنا وكيع عن أبيه عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود به (٣). ورواه البيهقي في أواخر «دلائل النبوّة» (٤) ، وكذا رواه البزّار في «مسنده» (٥) ثم قال : «وهذا يرويه غير قيس (٦) عن علقمة مرسلا ، ولا نعلم أحدا أسنده إلا قيس». انتهى. ورواه ابن مردويه (٧) في «تفسيره» في سورة الحج عن علقمة عن أبيه ، وذكر في آخر الكتاب عن عروة بن الزبير نحوه. وقد نص على هذا القول جماعة من الأئمة منهم أحمد بن حنبل وغيره ، وبه قال كثير من المفسرين ، ونقله عن ابن عباس.
وهذا القول إن أخذ على إطلاقه ففيه [نظر] (٨) ، فإن سورة البقرة مدنية ، وفيها : (يا أَيُّهَا
__________________
(١) هو سليمان بن مهران أبو محمد الكوفي الأعمش. روى عن عامر الشعبي وإبراهيم النخعي وخلق كثير وروى عنه السفيانان وابن المبارك وخلائق. قال العجلي : «كان ثقة ثبتا في الحديث وكان محدث أهل الكوفة في زمانه وكان رأسا في القرآن عالما في الفرائض». توفي سنة ١٤٨ (ابن حجر ، تهذيب التهذيب ٤ / ٢٢٢).
(٢) هو إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي ، أبو عمران الكوفي الفقيه. روى عن مسروق وعلقمة وجماعة. وعنه الأعمش ومنصور ، قال العجلي : «رأى عائشة ، وكان مفتي أهل الكوفة ، وكان رجلا صالحا فقيها». وقال الشعبي : «ما ترك أحدا أعلم منه». مات سنة ٩٦ (ابن حجر ، تهذيب التهذيب ١ / ١٧٧).
(٣) الحاكم ، المستدرك ٣ / ١٨ آخر كتاب الهجرة.
(٤) البيهقي ، دلائل النبوة ٧ / ١٤٤ ، جماع أبواب نزول الوحي على رسول الله صلىاللهعليهوسلم... باب ذكر السور التي نزلت بمكة والتي نزلت بالمدينة.
(٥) الهيثمي ، كشف الأستار عن زوائد البزار ٣ / ٣٩ ، كتاب التفسير ، باب ما نزل بمكة والمدينة ، الحديث (٢١٨٦).
(٦) هو قيس بن الربيع الأسدي روى عن أبي إسحاق السبيعي والأعمش وطائفة ، وعنه أبان بن تغلب وطلق بن غنام مات سنة ١٦٨ ه (ابن حجر ، تهذيب التهذيب ٨ / ٣٩١) ، ويرد على قول البزار : أنه روي موصولا أيضا من غير وجه ، كما ذكره الزركشي.
(٧) هو الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الأصبهاني صاحب «التفسير الكبير» و «التاريخ» وغير ذلك. روى عن ميمون بن إسحاق. وعنه عبد الرحمن بن منده ، عمل «المستخرج على صحيح البخاري». كان بصيرا بالرجال طويل الباع توفي سنة ٤١٠ (الذهبي ، تذكرة الحفاظ ٣ / ١٠٥١) ، وتفسيره ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون ١ / ٤٣٩. وسيزكين في تاريخ التراث ١ / ٣٧٥ ، وقال «ومنه قطع في «الإصابة» لابن حجر ١ / ٤٠٣ ، ٥٤٣ ، ٧٦٦ ، ٨٧٩ ، ٢ / ٩٠٩ ، ١٠١٦ ، ١٠٢٢ ، ١١٢٣ ، ١٢٥٤ ، ٣ / ٦٨٧ ، ١٣٠٤.
(٨) ساقطة من المخطوطة.