فختم بما فتح به ، بالذي لا إله إلا هو ، وهو قول الله تبارك وتعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ) (١)» (الأنبياء : ٢٥).
وقال بعضهم : روى البخاري : «آخر ما نزل آية الرّبا» (٢).
وروى مسلم : «آخر سورة نزلت جميعا : (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ) (٣)».
قال القاضي أبو بكر في «الانتصار» (٤) : «وهذه الأقوال ليس في شيء منها ما رفع (٥) إلى النبي صلىاللهعليهوسلم. ويجوز أن يكون قاله قائله بضرب من الاجتهاد ، وتغليب الظن ، وليس العلم بذلك من فرائض الدين ، حتى يلزم ما طعن به الطاعنون من عدم الضّبط.
ويحتمل أن كلاّ منهم أخبر عن آخر ما سمعه من رسول الله صلىاللهعليهوسلم في اليوم الذي مات فيه ، أو قبل مرضه بقليل ، وغيره سمع منه بعد ذلك ، وإن لم يسمعه هو لمفارقته له ، ونزول [الوحي (٦)] عليه بقرآن بعده.
ويحتمل أيضا أن تنزل الآية ، التي هي آخر آية تلاها الرسول صلىاللهعليهوسلم مع آيات نزلت معها ، فيؤمر برسم ما نزل معها وتلاوتها عليهم بعد رسم ما نزل آخرا وتلاوته ، فيظن سامع ذلك أنه آخر ما نزل في الترتيب».
__________________
(١) أخرجه أحمد في المسند ٥ / ١٣٤ ، وأخرجه ابن أبي داود في المصاحف (ط : جفري) ص : ٣٠ ، باب خبر قوله عزوجل : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ...) الآية ، وأخرجه أيضا ص : ٩ باب جمع القرآن على عهد أبي بكر الصديق رضياللهعنه. وأخرجه الخطيب البغدادي في تلخيص المتشابه ١ / ٤٠٢ ، وأخرجه ابن الضريس في فضائله ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، والبيهقي في الدلائل ، والضياء في المختارة (ذكره السيوطي في الدرّ المنثور ٣ / ٢٩٥).
(٢) أخرجه البخاري في الصحيح عن ابن عباس رضياللهعنهما ٨ / ٢٠٥ ، كتاب التفسير (٦٥) ، باب (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ...) الآية (٥٣) ، الحديث (٤٥٤٤).
(٣) تقدم تخريجه في أول الأقوال بآخر ما نزل.
(٤) هو محمد بن الطيّب بن محمد بن جعفر البصري الباقلاني تقدم ذكره في ص ١١٧ ، وتقدم التعريف بكتابه ص ٢٧٨ وذكر قوله السيوطي في الإتقان ١ / ٨٠ ، النوع الثامن ، معرفة آخر ما نزل.
(٥) تصحّفت في المخطوطة إلى : (وقع».
(٦) ساقطة من المخطوطة.