قال ابن عبد البر : «وأجمعوا على أن القرآن لا يجوز في حروفه وكلماته وآياته كلّها أن تقرأ على سبعة أحرف ؛ ولا شيء منها ، ولا يمكن ذلك فيها ، بل لا يوجد في القرآن كلمة تحتمل أن تقرأ على سبعة أوجه إلا قليل ؛ مثل [وعبد الطغوت] (١) (المائدة : ٦٠) وتشبه علينا (٢) (البقرة : ٧٠) و (بِعَذابٍ بَئِيسٍ) (٣) (الأعراف : ١٦٥) ونحوه ، (٤) وذلك ليس هذا (٤)».
وقال الشيخ شهاب الدين أبو شامة : «وهذا المجموع في المصحف : هل هو جميع الأحرف السبعة التي أقيمت القراءة عليها؟ أو حرف واحد منها؟ ميل القاضي أبي بكر (٥) إلى أنه جميعها ، وصرّح أبو جعفر الطبري والأكثرون من بعده بأنه (٦) حرف منها ، ومال الشيخ الشاطبيّ (٧) إلى قول القاضي فيما جمعه أبو بكر ، وإلى قول الطبري فيما جمعه عثمان رضياللهعنهما» (٨).
والسابع : اختاره القاضي أبو بكر ، وقال : «الصحيح أن هذه الأحرف السبعة ظهرت واستفاضت عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ وضبطها عنه الأئمة ، وأثبتها عثمان والصحابة في المصحف وأخبروا بصحتها ؛ وإنما حذفوا منها ما لم يثبت متواترا ، وأنّ هذه الأحرف تختلف معانيها تارة ، وألفاظها أخرى ، وليست متضادة ولا منافية».
والثامن : قول الطحاويّ ، «أن ذلك كان في وقت خاص لضرورة دعت إليه ؛ لأنّ كلّ ذي لغة كان يشق عليه أن يتحول عن لغته ، ثم لما كثر الناس والكتّاب ارتفعت تلك الضرورة ، فارتفع حكم الأحرف السبعة ، وعاد ما يقرأ به إلى حرف واحد» (٩).
والتاسع : أن المراد علم القرآن يشتمل على سبعة أشياء :
__________________
(١) ساقطة من المخطوطة وتقدم الكلام عنها ص ٣١٠.
(٢) انظر جامع البيان للطبري ١ / ٢٧٧ ـ ٢٧٨ والمختصر في شواذ القرآن لابن خالويه ص : ٧.
(٣) تقدم الكلام عنها ص ٣١١.
(٤) عبارة التمهيد ٨ / ٢٧٣ ـ ٢٧٤ : (وذلك يسير جدا).
(٥) هو القاضي أبو بكر الباقلاني تقدم ذكره ص ١١٧.
(٦) عبارة المخطوطة : (على أنه).
(٧) هو القاسم بن فيّره بن خلف أبو محمد الشاطبي ولد سنة (٥٣٨). قرأ ببلده القراءات وأتقنها على أبي عبد الله محمد بن أبي العاص النّفري وسمع الحديث من أبي الحسن بن هذيل وأبي محمد بن عاشر وغيرهم. كان إماما علامة ذكيا كثير الفنون رأسا في القراءات حافظا للحديث بصيرا بالعربية واسع العلم. وقد سارت الركبان بقصيدتيه «حرز الاماني» و «عقيلة اتراب القصائد» ت ٦٥٥ ه (الذهبي ، معرفة القراء الكبار ٢ / ٥٧٤).
(٨) المرشد الوجيز ١٣٨.
(٩) أبو شامة في المرشد الوجيز ص : ١٠٦.