أحدها : أنه اللفظ والمعنى ، وأن جبريل حفظ القرآن من اللّوح المحفوظ ونزل به.
وذكر بعضهم أن أحرف القرآن في اللّوح المحفوظ ؛ كلّ حرف منها بقدر جبل قاف ، وأن تحت كلّ حرف معان لا يحيط بها إلا الله عزوجل ، وهذا معنى قول الغزاليّ : «إن هذه الأحرف سترة لمعانيه».
والثاني : أنه إنما نزل جبريل على النبي صلىاللهعليهوسلم [بالمعاني] (١) خاصة ، وأنه صلىاللهعليهوسلم علم تلك المعاني وعبّر (٢) عنها بلغة العرب ؛ وإنما [تمسّكوا] (١) بقوله تعالى : (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ* عَلى قَلْبِكَ) (الشعراء : ١٩٣ ـ ١٩٤).
والثالث : أن جبريل صلىاللهعليهوسلم إنما ألقى عليه المعنى ، وأنه (٣) عبّر بهذه الألفاظ بلغة العرب ، وأن أهل السماء يقرءونه بالعربية ، ثم [إنه] (٤) أنزل به كذلك بعد ذلك.
فإن قيل : ما السرّ في إنزاله جملة إلى السماء؟ قيل : فيه تفخيم لأمره ، وأمر من نزل عليه ؛ وذلك بإعلام (٥) سكان السموات السبع أن هذا آخر الكتب المنزلة على خاتم الرسل لأشرف الأمم ؛ ولقد صرفناه إليهم لينزله عليهم. ولو لا أنّ الحكمة الإلهية اقتضت نزوله منجّما بسبب الوقائع لأهبطه إلى الأرض جملة.
فإن قيل : في أيّ زمان نزل جملة إلى سماء الدنيا ؛ بعد ظهور نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم أم قبلها؟
قلت : قال الشيخ أبو شامة : «الظاهر أنه قبلها ، وكلاهما محتمل ؛ فإن كان بعدها فوجه التفخيم منه ما ذكرناه ، وإن كان قبلها ففائدته أظهر وأكثر» (٦).
«فإن قلت : فقوله : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (القدر : ١) ، من جملة القرآن [٣٢ / ب] الذي نزل جملة أم لا؟ فإن لم يكن منه فما نزل جملة؟ وإن كان منه فما وجه صحة هذه العبارة؟ قلت (٧) : ذكر فيه وجهين :
__________________
أوغلو علي باشا الملحقة بمكتبة ملت باسطنبول رقم ١٧ تقع في ٢٥٢ ورقة ومنه صورة ميكروفيلمية بدار الكتب القطرية رقم ٩ ، ومنه نسخة كاملة ، بالمكتبة الأزهرية ونسخة كاملة بدار الكتب المصرية ، ونسخة في المتحف البريطاني ص ٥٨ ، ونسخة بمكتبة جامعة برنستن رقم ١٢٥٨ ، ١٤٥ ب.
(١) ساقطة من المخطوطة.
(٢) في المخطوطة : (وعلم منها).
(٣) في المخطوطة : (وإنّما).
(٤) ساقطة من المخطوطة.
(٥) في المطبوعة : (بإعلان).
(٦) المرشد الوجيز ص : ٢٥.
(٧) القول للزركشي ، والحكاية عن أبي شامة.