أضعاف هذه العدة المذكورة وأن العادة تحيل خلاف ذلك ؛ ويشهد لصحة ذلك كثرة القراء المقتولين يوم مسيلمة باليمامة ؛ وذلك في أول خلافة أبي بكر ، وما في «الصحيحين» : قتل سبعون من الأنصار يوم بئر معونة ؛ كانوا يسمّون القراء (١)».
ثم أوّل القاضي الأحاديث السابقة بوجوه منها : اضطرابها ، وبيّن وجه الاضطراب في العدد وإن خرّجت في الصحيحين ، مع أنه ليس منها شيء مرفوع إلى النبي صلىاللهعليهوسلم. ومنها بتقرير سلامتها ؛ فالمعنى : لم يجمعه على جميع الأوجه والأحرف والقراءات التي نزل بها إلاّ أولئك النفر. ومنها أنه لم يجمع ما نسخ منه وأزيل رسمه بعد تلاوته مع ما ثبت رسمه وبقي فرض حفظه وتلاوته إلا تلك الجماعة. ومنها أنه لم يجمع جميع القرآن عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وأخذه من فيه [تلقّيا] (٢) غير تلك الجماعة ، وغير ذلك.
«قال المازري (٣) : وكيف يمكن الإحاطة بأنه لم يكمله سوى أربعة ، والصحابة [٣٥ / أ] [متفرقون] (٤) في البلاد ، وإن لم يكمله سوى أربعة فقد حفظ جميع أجزائه مئون لا يحصرون».
قال الشيخ (٥) : «وقد سمى الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام القرّاء من الصحابة في أول «كتاب القراءات» له ، فسمى عددا كثيرا».
قلت : وذكر الحافظ شمس الدين الذهبي في كتاب «معرفة القراء» (٦) ما يبين ذلك ، وأنّ هذا العدد هم الذين عرضوه على النبي صلىاللهعليهوسلم ، واتصلت بنا أسانيدهم ، وأمّا من جمعه
__________________
(١) الحديث أخرجه البخاري في الصحيح ٧ / ٨٩ ، كتاب المغازي (٦٤) باب غزوة الرجيع (٢٨) ، الحديث (٤٠٩٠) ، عن أنس : «أن رعلا وذكوان وعصيّة استمدّوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم...
(٢) ساقطة من المخطوطة.
(٣) تصحّفت العبارة في المخطوطة والمطبوعة إلى «الماوردي» والتصويب «المازري» وهو ما أثبته أبو شامة في المرشد الوجيز : ص ٤٠ ، والسيوطي في الإتقان ١ / ١٩٩ ، والمازري هو محمد بن علي بن عمر بن محمد التميمي المازري المالكي كان أحد الأذكياء الموصوفين والأئمة المتبحرين ، وكان بصيرا بعلم الحديث من تصانيفه «المعلم بفوائد شرح مسلم» توفي سنة ٥٣٦ ه (الذهبي ، سير أعلام النبلاء ٢٠ / ١٠٤).
(٤) ساقطة من المخطوطة.
(٥) أبو شامة في المرشد الوجيز : ٤٠.
(٦) معرفة القرّاء الكبار ١ / ٢٤ ـ ٤٢ في الطبقة الأولى الذين عرضوا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم.