القصة بالقصة ، فذلك شيء تولاّه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، كما أخبر به جبريل عن أمر ربه عزوجل».
وكذا قال : الكرمانيّ (١) في «البرهان» : «ترتيب السور هكذا هو عند الله وفي اللوح المحفوظ ، وهو على هذا الترتيب كان يعرض عليهالسلام على جبريل كلّ سنة ما كان يجتمع عنده منه ، وعرض عليه في السنة التي توفي فيها مرتين».
وذهب جماعة من المفسرين (٢) إلى أنّ قوله تعالى : (فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ) (٢) (هود : ١٣) معناه مثل البقرة إلى سورة هود ، وهي العاشرة. ومعلوم أنّ سورة هود مكية ، وأن البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنفال والتوبة مدنيات نزلت بعدها.
وفسّر بعضهم قوله : (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) (المزمل : ٤) أي اقرأه على هذا الترتيب من غير تقديم ولا تأخير. وجاء النكير على من قرأه معكوسا. ولو حلف أن [٣٨ / أ] يقرأ القرآن على الترتيب لم يلزم إلا على هذا الترتيب. ولو نزل القرآن جملة واحدة كما اقترحوا عليه لنزل على هذا الترتيب ؛ وإنما تفرّقت سوره وآياته نزولا ، لحاجة الناس إليها حالة بعد حالة ؛ ولأن فيه الناسخ والمنسوخ ، ولم يكن ليجتمعا (٣) نزولا. وأبلغ الحكم في تفرّقه ما قال سبحانه : (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ) (الإسراء : ١٠٦) ، وهذا أصل بني عليه مسائل كثيرة.
وقال القاضي أبو بكر بن الطيب (٤) : فإن قيل : «قد اختلف السّلف في ترتيب القرآن ، فمنهم من كتب [في] (٥) المصحف السور على تاريخ نزولها ، وقدّم المكيّ على المدنيّ.
ومنهم من جعل (٦) أوله : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) (العلق : ١) ؛ وهو أول مصحف (٧) [عليّ ، وأما مصحف] (٧) ابن مسعود ، فأوله (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) (الفاتحة : ٤) ، ثم البقرة ، ثم النساء على ترتيب مختلف وفي مصحف أبيّ كان أوله الحمد ، ثم النساء ، ثم آل عمران ، ثم الأنعام ، ثم الأعراف ، ثم المائدة ، على اختلاف شديد.
فالجواب أنه يحتمل أن يكون ترتيب السور على ما هي عليه اليوم على وجه الاجتهاد من
__________________
(١) محمود بن حمزة بن نصر برهان الدين الكرماني تقدم التعريف به وبكتابه ص ٢٠٦.
(٢) عبارة المخطوطة : (إلى قوله تعالى بسورة مثله).
(٣) في المخطوطة : (ليجتمع).
(٤) هو الباقلاني تقدم ذكره ص ١١٧.
(٥) ساقطة من المخطوطة.
(٦) عبارة المطبوعة (جعل من).
(٧) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.