تعالى : (شَغَفَها حُبًّا) (يوسف : ٣٠) فسكت وقال : هذا في القرآن ، ثم ذكر قولا لبعض العرب في جارية لقوم أرادوا بيعها : أتبيعونها وهي لكم شغاف! ولم يزد على هذا. ولهذا حثّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم على تعلّم إعراب القرآن وطلب معاني الغريب منه (١) واعلم أنّه ليس لغير العالم بحقائق اللغة وموضوعاتها تفسير شيء من كلام (٢) الله ، ولا يكفي في حقّه تعلّم اليسير منها ، فقد يكون اللفظ مشتركا وهو يعلم أحد المعنيين والمراد [المعنى] (٣) الآخر ، وهذا أبو بكر وعمر رضياللهعنهما من أفصح قريش ، «سئل أبو بكر عن (الأبّ) (عبس : ٣١) فقال أبو بكر : أيّ سماء تظلّني ، وأيّ أرض تقلّني إذا قلت في كلام الله ما لا أعلم (٤)»! و «قرأ عمر سورة «عبس» ، فلما بلغ (الأبّ) (الآية : ٣١) قال : الفاكهة قد عرفناها ، فما الأبّ؟ ثم قال : لعمرك يا ابن الخطّاب إن هذا لهو التكلّف (٥). وروي عنه أيضا أنه قال : (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) (آل عمران : ٧) ؛ وفي رواية قال : «فما الأبّ؟ (٦) [ثم قال : ما كلّفنا ، أو ما أمرنا بهذا» (٧).
وما ذاك بجهل منهما لمعنى «الأبّ» ؛ وإنما يحتمل والله أعلم أن (الأبّ)] (٦) من الألفاظ المشتركة في لغتهما أو في لغات ، فخشيا إن فسراه بمعنى من معانيه أن يكون المراد غيره ، ولهذا اختلف المفسرون في معنى «الأبّ» على سبعة أقوال ، فقيل : ما ترعاه البهائم ، وأما ما يأكله الآدميّ فالحصيد. والثاني : التبن خاصة. والثالث : كلّ ما نبت على وجه الأرض ، والرابع : ما سوى الفاكهة ، والخامس : الثمار [٤٤ / أ] الرطبة ، وفيه بعد ، لأنّ الفاكهة تدخل في
__________________
(١) تصحّفت في المطبوعة إلى : (العربية) ، أخرج الحاكم في المستدرك ٢ / ٢٣٩ وابن أبي شيبة والبيهقي في «الشعب» عن أبي هريرة رضياللهعنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه». (كنز العمال ١ / ٦٠٧ ، الحديث (٢٧٨١).
(٢) في المخطوطة : (كتاب).
(٣) ساقطة من المخطوطة.
(٤) أخرجه أبو عبيد في الفضائل ق ٥٩ / أ(مخطوطة توبنجن) وأخرجه عبد بن حميد عن إبراهيم التميمي (ذكره السيوطي في الدرّ المنثور ٦ / ٣١٧).
(٥) أخرجه أبو عبيد في الفضائل ق ٥٩ / أ(مخطوطة توبنجن) والطبري في التفسير ٣٠ / ٣٨ ، ٣٩ ، والحاكم في المستدرك ٢ / ٥١٤ عند تفسير سورة عبس ، وأخرجه سعيد بن منصور وابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في «شعب الإيمان» والخطيب (ذكره السيوطي في الدرّ المنثور ٦ / ٣١٧).
(٦) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٧) الرواية أخرجها ابن مردويه عن أبي وائل أنّ عمر.. (ذكرها السيوطي في الدرّ المنثور ٦ / ٣١٧).