وفي الحزن «وجدا» وقال تعالى : (وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً) (الجن : ١٥) ، وقال تعالى : (وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الحجرات : ٩) ؛ فانظر كيف تحول المعنى بالتصريف من الجور إلى العدل (١). ويكون ذلك في الأسماء والأفعال ؛ فيقولون للطريق في الرمل : خبّة (٢) ، وللأرض المخصبة والمجدبة : خبّة» وغير ذلك.
وقد ذكر الأزهريّ (٣) أن مادة «دكر» بالدال المهملة مهملة غير مستعملة ، فكتب التاج الكندي (٤) على الطّرة ما ذكر أنه مهمل : مستعمل ، قال الله تعالى : (وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ) (يوسف : ٤٥) ، (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (القمر : ١٥). وهذا الذي قاله سهو أوجبه الغفلة عن قاعدة التصريف ؛ فإن الدال في الموضعين بدل من الذال ؛ لأن ادّكر أصله «اذتكر» افتعل من الذكر ، وكذلك مدّكر أصله «مذتكر» مفتعل من الذكر أيضا ، فأبدلت التاء ذالا والذال (٥) كذلك ، وأدغمت إحداهما في الأخرى فصار اللفظ بهما كما ترى.
وقال الزمخشري في تفسير قوله تعالى : (سَوَّلَ لَهُمْ) (محمد : ٢٥) «سهل لهم ركوب المعاصي من السّول وهو الاسترخاء ، وقد اشتقه من السّؤل من لا علم له بالتصريف والاشتقاق جميعا» (٦) يعرّض بابن السّكّيت (٧).
وقال أيضا (٨) : «من بدع التفاسير أن «الإمام» في قوله تعالى : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ
__________________
(١) العبارة في الصاحبي ص : ١٦٢ (من العدل إلى الجور).
(٢) في المخطوطة : (حبّة).
(٣) محمد بن أحمد الأزهر صاحب «تهذيب اللغة» تقدّم ١ / ٣٠٩.
(٤) هو زيد بن الحسن بن زيد أبو اليمن تاج الدين الكندي البغدادي النحوي المقرئ المحدّث أخذ اللغة عن أبي منصور موهوب الجواليقي ، وقرأ عليه جماعة القراءة والنحو واللغة له خزانة كتب جليلة في جامع بني أميّة. ت ٥٩٧ ه (ياقوت ، معجم الأدباء ١١ / ١٧١).
(٥) في المخطوطة (دالاّ والدال) بدون إعجام.
(٦) انظر قوله في «الكشاف» ٣ / ٤٥٨ عند تفسير الآية في سورة محمد صلىاللهعليهوسلم.
(٧) هو يعقوب بن إسحاق ، أبو يوسف بن السّكّيت. أقبل على تعلّم النحو من البصريين والكوفيين ، فأخذ عن أبي عمرو الشيباني والفرّاء وابن الأعرابي والأثرم وروى عن الاصمعي وأبي عبيدة. وأخذ عنه : أبو سعيد السّكّري وميمون بن هارون الكاتب وغيرهم. من أعلم الناس باللغة والشعر. ومن تصانيفه : «إصلاح المنطق» و «القلب والابدال» و «الأمثال» وغيرها. توفي سنة (٢٤٣). (ياقوت ، معجم الأدباء ٢٠ / ٥٠).
(٨) انظر قوله في «الكشاف» ٢ / ٣٦٩ عند تفسير الآية في سورة الإسراء ، نقله الزركشي بتصرف ، وهذا القول في تفسير الآية منقول عن محمد بن كعب القرظي ، ذكره القرظي في «الجامع لأحكام القرآن» ١٠ / ٢٩٧ عند تفسير الآية من سورة الإسراء.