كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً) (النساء : ١٢) ، أنه يتوقف على المراد بالكلالة ؛ هل هو اسم للميت أو للورثة أو للمال ؛ فإن كان اسما للميت فهي منصوبة على الحال ؛ وإن كان تامة لا خبر لها بمعنى وجد. ويجوز أن تكون ناقصة والكلالة خبرها ، وجاز أن يخبر عن النكرة ، لأنها قد وصفت بقوله : (يُورَثُ) والأول أوجه. وإن كانت اسما للورثة فهي منصوبة على الحال من ضمير (يُورَثُ) لكن على حذف مضاف ، أي ذا كلالة ، وعلى هذا فكان ناقصة و (يُورَثُ) خبر. ويجوز أن تكون تامة فيورث صفة. ويجوز أن يكون خبرا فتكون صفته. وإن كانت اسما للمال فهي مفعول ثان ل (يُورَثُ) ، كما تقول : ورّثت زيدا مالا وقيل تمييز ، وليس بشيء. ومن جعل ال (كَلالَةً) الوراثة فهي نعت لمصدر محذوف ، أي وارثه (كلالة) ، أي يورّث بالوراثة التي يقال لها : الكلالة ، هذا كله على قراءة (يُورَثُ) بفتح الراء ، فأما من قرأ (يُورَثُ) بكسرها مخففة أو مشدّدة (١) ، فالكلالة هي الورثة أو المال.
ومن ذلك (تُقاةً) في قوله تعالى : (إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) (آل عمران : ٢٨) ، في نصبها ثلاثة أوجه مبنيّة على تفسيرها ، فإن كانت بمعنى الاتقاء فهي مصدر كقوله تعالى : (أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) (نوح : ١٧) وإن كانت بمعنى المفعول أي أمرا يجب اتقاؤه ، فهي نصب على المفعول به ، وإن كانت جمعا (٢) ل «رام» و «رماة» ، فهي نصب على الحال.
ومن ذلك إعراب (أَحْوى) من قوله [تعالى] : (غُثاءً أَحْوى) (الأعلى : ٥) وفيه قولان متضادان : أحدهما أنه الأسود من الجفاف واليبس ، والثاني أنه الأسود من شدة الخضرة ، كما فسّر (مُدْهامَّتانِ) (الرحمن : ٦٤) فعلى الأول هو صفة ل (غُثاءً) ، وعلى الثاني هو حال من (الْمَرْعى) (٣) ، وأخّر [٤٥ / أ] لتناسب الفواصل.
ومنه قوله تعالى : (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً*) (٤) [أَحْياءً وَأَمْواتاً] (٤) (المرسلات : ٢٥ و ٢٦) ؛ فإنه قيل : الكفات الأوعية ، ومفردها «كفت» والأحياء والأموات كناية عما نبت وما لا ينبت ، وقيل : الكفات مصدر كفته إذا ضمّه وجمعه ؛ فعلى الأول (أَحْياءً وَأَمْواتاً) صفة ل (كِفاتاً) كأنه (٥) قيل : أوعية حيّة وميّتة ، أو حالان ؛ وعلى الثاني فهما مفعولان لمحذوف ، ودلّ عليه (كِفاتاً) أي يجمع (أَحْياءً وَأَمْواتاً).
__________________
(١) قال البنا : والمطوّعي (يورّث) بفتح الواو وكسر الراء مشددة مبنيّا للفاعل (إتحاف فضلاء البشر : ١٨٧).
(٢) في المخطوطة : (جماعة).
(٣) في المخطوطة : (الرعي).
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٥) في المخطوطة : (وكأنه).