عندها المسح من الغسل ؛ لأنهما أساس الماء ، فلما تقاربا في المعنى حصل العطف (١) [كقوله :
متقلّدا سيفا ورمحا
ومهما أمكن المشاركة في المعنى ، حسن العطف] (١) وإلا امتنع ؛ فظهر أنه ليس على المجاورة بل على الاستغناء بأحد الفعلين عن الآخر ، وهذا بخلاف صرف ما لا ينصرف في قوله تعالى : (سَلاسِلَ وَأَغْلالاً) (الإنسان : ٤) ؛ فإنما أجيز في الكلام ، لأنه ردّ إلى الأصل ، والعطف على الجوار خروج عن الأصل ، فافترقا.
الثالث : تجنّب لفظ الزائد في كتاب الله تعالى ، أو التكرار ، ولا يجوز إطلاقه إلا بتأويل كقولهم : الباء زائدة ونحوه ، مرادهم أن الكلام لا يختل معناه بحذفها ؛ لا أنه لا فائدة فيه أصلا ، فإن ذلك لا يحتمل من متكلّم ، فضلا عن كلام الحكيم.
وقال ابن الخشاب (٢) في «المعتمد» : اختلف في هذه المسألة ، فذهب الأكثرون إلى جواز إطلاق الزائد في القرآن نظرا إلى أنه نزل بلسان القوم ومتعارفهم ، وهو كثير ؛ لأن الزيادة بإزاء الحذف ، هذا للاختصار والتخفيف ، وهذا للتوكيد والتوطئة. ومنهم من لا يرى الزيادة في شيء من الكلام ويقول : هذه الألفاظ المحمولة على الزيادة جاءت لفوائد ومعان تخصّها ، فلا أقضي عليها بالزيادة ، ونقله [عن] (٣) ابن درستويه (٤) ، قال : والتحقيق أنه [إن] (٥) أريد بالزيادة إثبات معنى لا حاجة إليه فباطل ؛ لأنه عبث ، فتعين أنّ إلينا به حاجة ، لكن الحاجات إلى
__________________
(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة ، والبيت صدره «يا ليت بعلك قد غدا» وهو لعبد الله بن الزبعرى ذكره المبرّد في «الكامل» ص : ٤٣٢ و ٤٧٧ و ٨٣٦. (طبعة مؤسسة الرسالة بيروت بتحقيق محمد أحمد دالي).
(٢) هو عبد الله بن أحمد أبو محمد الخشاب تقدمت ترجمته في ١ / ١٦٣.
(٣) ساقطة من المخطوطة.
(٤) هو عبد الله بن جعفر بن درستويه أبو محمد الفارسي نحوي جليل القدر مشهور الذكر جيد التصانيف روى عن جماعة من العلماء منهم أبو العباس المبرّد وابن قتيبة. وكان شديد الانتصار لمذهب البصريين في اللغة والنحو. من تصانيفه «تفسير كتاب الجرمي» «والإرشاد» و «معاني الشعر» وغيرها. ت ٣٤٧ ه (القفطي ، إنباه الرواة ٢ / ١١٣).
(٥) ساقطة من المخطوطة.