لا عجز عنه ، فأعلمهم بأنهم لو قالوا صدقوا ، ولم يكن هو بالذي يغضب من سماعه ، ثم زادهم تكريما بقوله : «أما ترضون أن يذهب الناس بالشّاء والبعير ، وتنصرفوا برسول الله إلى رحالكم» ، ثم زاد يمينه المباركة البرّة على فضل ما ينصرفون به (١) ؛ اللهم انفعنا بمحبته ، وتفضل علينا بشفاعته.
ومما تجد من هذا الطراز قول بعضهم :
أناس أعرضوا عنّا |
|
بلا جرم ولا معنى |
أساءوا ظنّهم فينا |
|
فهلاّ أحسنوا الظّنّا! |
فإن عادوا لنا عدنا |
|
وإن خانوا فما خنّا |
وإن كانوا قد استغنوا |
|
فإنّا عنهم أغنى |
وإن قالوا : ادن منّا بع |
|
د (٢) باعدنا من استدنى |
ومن الإغضاب العجيب قوله تعالى : (إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (الممتحنة : ٩) ، وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ) (الممتحنة : ١) ، وقوله : (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) (الكهف : ٥٠) ولله در القائل :
إذا والى صديقك من تعادي |
|
فقد عاداك وانقطع (٣) الكلام |
ومن قسم التشجيع قوله سبحانه : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ) (الصف : ٤) ، وكفي بحبّ الله مشجعا على منازلة الأقران (٤) ومباشرة الطعان! و[منه] (٥) قوله عزوجل : (إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ) (آل عمران : ١٢٥) ، وكيف لا يكون والقوم صبروا ، والملك الحق جلّ جلاله وعدهم بالمدد الكثير! ثم قال : (وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) (آل عمران : ١٢٦) ، وقوله : (وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ ما لا يَرْجُونَ) (النساء : ١٠٤).
__________________
(١) وذلك قوله صلىاللهعليهوسلم : «فو الّذي نفس محمّد بيده لو لا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار».
(٢) في المخطوطة : (بعد ما).
(٣) في المخطوطة : (وانفصل).
(٤) تصحّفت في المخطوطة إلى : (القران).
(٥) ساقطة من المطبوعة.