هذه المؤلفات ، على الرغم من الظروف التي كانوا يعيشون فيها من أساليب التنقل والاتصالات ، والحصول على الكتب ومعلوماتها... ممّا إذا قيس بما نراه في أيامنا هذه لعدّ من المعجزات الخوارق للعادات ، رحمهمالله وجزاهم عنّا خير الجزاء ، لكني أجد هذه المؤلفات الكثيرة تحتاج إلى تأليف جامع لشملها يعين الباحث على حسن الإفادة منها.
وظلت فكرة وضع هذا التأليف الجامع للعلوم والدراسات القرآنية تراودني ، وتزداد أهميتها عندي يوما بعد يوم ، ثم بدأت تأخذ حيّز التنفيذ مع مطلع هذا القرن ، حين بدأت أجمع مواد هذه الدراسة على جزازات صغيرة كنت أجمع فيها الفوائد التي تقع لي من هنا وهناك ، وأرتبها على حروف المعجم ، ويزيدها الله سبحانه وتعالى بفضله وتوفيقه يوما بعد يوم ، حتى اجتمع لي منها الشيء الكثير ، وكان زملائي ممن يرى هذا العمل يشجعني على طبعه وتوفيره بين أيدي الباحثين ، ليعم به النفع فأتعلّل لهم بعدم اكتماله ، وعدم صلاحيته للنشر ، رغبة مني بتحسينه ومراجعته ، وإضافة ما يستجد يوما بعد يوم من المعلومات حول الدراسات القرآنية ، ليكتمل هذا العمل ويخرج بالصورة اللائقة.
ثم حدث أن رغب إليّ مدير دار المعرفة الفاضل بتحقيق كتاب «البرهان» فاعتذرت له بانشغالي بتحقيق كتاب «المجمع المؤسس بالمعجم المفهرس» وهو مشيخة وفهرسة الحافظ ابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢ ه) وهو كتاب حافل بالفوائد الحديثية ، وكنت قد انتسخت نصفه الأول ، فما زال يلحّ عليّ ويشجعني على تحقيق كتاب «البرهان» ، وأنا أتردّد في شأنه ، حتى شرح الله صدري للعمل به ، فاستحضرت نسخة خطية له ، وألهمني الله لخدمة الكتاب بما تيسّر لي وجمعته من فوائد ، وتجلّت لي حكمة الباري سبحانه وتعالى من تسخيري ـ قبل عشر سنوات ـ بجمع ما يتعلق بكتابه الكريم ، لوضعه في مكانه من هذا الكتاب ، فسبحان علاّم الغيوب ، جلّ جلاله ، وتعاظمت قدرته.
ولما عزمت أمري على مباشرة العمل بالبرهان ، وجدت أنه قد طبع سابقا عام ١٣٧٦ ه / ١٩٥٧ م بتحقيق شيخ من شيوخ المحققين في أيامنا ، وهو الأستاذ المرحوم محمد أبو الفضل إبراهيم ، وهو من هو ممّن لهم فضل السبق بتحقيق الكثير من أمهات