حدة ، ثم كيف جمعها بعض العلماء مع غيرها في كتب التفسير الكبيرة ، أو في مقدماتها ، أو في كتب المحدّثين ، وسنرى في هذا الفصل بداية استقلال التدوين بها كفن ، وجهود العلماء وتآليفهم فيها منذ نشأتها إلى أيامنا هذه.
١ ـ يعتبر الإمام ابن الجوزي ، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي (ت ٥٩٧ ه) أقدم من أفرد كتابا مستقلا في «علوم القرآن» ، وهو «فنون الأفنان في عيون علوم القرآن» (١) وقد ضمنه عشرة أنواع منها ، وذكر في مقدمته أنه وضعه بعد أن ألف كتابا في علوم الحديث اسمه «التلقيح في غرائب علوم الحديث» وقد تناول من هذه العلوم ما رآه «عجيبا» ـ ولسنا ندري ما مصطلح العجيب عنده ـ ولكنه ساق في كتابه الأنواع التالية : فضائل القرآن ، في أن القرآن غير مخلوق ، الأحرف السبعة ، كتابة المصحف وهجاؤه ، عدد سور القرآن وآياته وكلماته وحروفه ونقطه ، نقط القرآن ، أجزاء القرآن ، المكي والمدني ، اللغات في القرآن (الأعجمي والمعرّب) ، الوقف والابتداء ، التفسير ، النسخ ، المحكم والمتشابه الأوصاف التي شاركت فيها أمتنا الأنبياء ، وهي كما ترى ليست عجائب ، وقد عرض لهذه الأنواع بأسلوب موجز ، وساق أقوال السابقين فيه واعتمد على مصادرهم في نقله.
٢ ـ ولابن الجوزي كتاب آخر في علوم القرآن اسمه «المجتبى في علوم القرآن» ويسمّيه أبو الفرج الحنبلي في «الذيل على طبقات الحنابلة ١ / ٣٩٩ ب «المغني في علوم القرآن» وهو مخطوط بدار الكتب المصرية.
٣ ـ ثم وضع السخاوي ، أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الصمد (ت ٦٤٣ ه) كتابا سمّاه : «جمال القرّاء وكمال الإقراء» (٢) ورتّبه في عشر كتب ، وخصّ كل نوع منها بكتاب يمكن إفراده برسالة مستقلة ، وخصّ من الأنواع ما يلزم القارئ.
٤ ـ ثم ألف أبو شامة ، عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي (ت
__________________
(١) طبع الكتاب لأول مرة بتحقيق أحمد الشرقاوي ، وإقبال المراكشي بالدار البيضاء في المغرب ١٣٩٠ ه / ١٩٧٠ م ، وطبع مؤخّرا بتحقيق د. حسن ضياء الدين عتر بدار البشائر الإسلامية في بيروت ١٤٠٨ ه / ١٩٨٧ م في (٥٦٨) ص.
(٢) طبع بتحقيق د. علي حسين البواب ، بدار التراث بمكة المكرمة ١٤٠٨ ه / ١٩٨٨ م في مجلدين.