بالبيت والمقام وأنتم اليوم تطوفون ما بين المقام وبين البيت ، فكان الحد موضع المقام اليوم ، فمن جازه فليس بطائف. والحد قبل اليوم واليوم واحد ، قدر ما بين المقام وبين البيت من نواحي البيت كلها ، فمن طاف فتباعد من نواحيه أبعد من مقدار ذلك كان طائفا بغير البيت ، بمنزلة من طاف بالمسجد ، لانه طاف في غير حد ، ولا طواف له».
إلا انه روى الصدوق (قدسسره) في الصحيح عن ابان عن محمد الحلبي (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليهالسلام) عن الطواف خلف المقام. قال : ما أحب ذلك ، وما ارى به بأسا ، فلا تفعله إلا ان لا تجد منه بدا».
ويمكن انه بهذه الرواية أخذ ابن الجنيد ، حيث نقل عنه انه جوز الطواف خارج المقام عند الضرورة.
وظاهر هذه الرواية هو الجواز على كراهة وان الكراهة تندفع بالضرورة. فما ذكره بعض الأصحاب (رضوان الله عليهم) هنا ـ من الجمع بينها وبين الرواية السابقة بالحمل على الضرورة ، بمعنى انه يحرم الخروج عن المقام إلا مع ضرورة الزحام ونحوه ـ ليس بجيد ، لان ظاهرها الجواز على كراهة ، والضرورة إنما تنتج زوال الكراهة لا التحريم.
وربما فهم من إيراد الصدوق (قدسسره) لها الإفتاء بمضمونها ، فيكون قولا آخر في المسألة أيضا. وبذلك يعظم الإشكال في المسألة.
وبالجملة فإن ظاهر كلام الأكثر هو تحريم الخروج عن الحد المتقدم مطلقا ، عملا برواية محمد بن مسلم المتقدمة. والمنقول عن ابن الجنيد
__________________
(١) الفقيه ج ٢ ص ٢٤٩ والوسائل الباب ٢٨ من الطواف. لاحظ الاستدراكات.