قال : «سألته عن الرجل يكون في الطواف قد طاف بعضه وبقي عليه بعضه فيطلع الفجر ، فيخرج من الطواف الى الحجر أو الى بعض المسجد إذا كان لم يوتر فيوتر ، ثم يرجع الى مكانه فيتم طوافه ، افترى ذلك أفضل أم يتم الطواف ثم يوتر وان أسفر بعض الاسفار؟ قال : ابدأ بالوتر واقطع الطواف إذا خفت ذلك ثم أتم الطواف بعد».
وهذه الأخبار كلها ـ كما ترى ـ مطلقة في جواز القطع للصلاة والبناء بعد الفراغ أعم من ان يكون قبل النصف أو بعده ، والخبران الأولان صريحان في الطواف الواجب ، والثالث دال على ذلك بإطلاقه. وبذلك يظهر ان ما نقله عن الحلبي من البناء على شوط إذا قطعه لصلاة الفريضة لا بعد فيه ، لدلالة إطلاق هذه الأخبار عليه.
واما كلام الأصحاب (رضوان الله عليهم) فقد اعترف بتصريح المحقق في النافع بذلك وان نسبه الى الندرة ، حيث صرح بجواز القطع للفريضة والبناء وان لم يبلغ النصف. وهذا هو ظاهر كلام العلامة في المنتهى ، حيث قال : ولو دخل عليه وقت فريضة وهو يطوف قطع الطواف وابتدأ بالفريضة ثم عاد فيتم طوافه من حيث قطع. وهو قول العلماء الا مالكا فإنه قال يمضي في طوافه من حيث قطع. وهو قول العلماء الا مالكا فإنه قال يمضي في طوافه ولا يقطعه الا ان يخاف ان يضر بوقت الصلاة (١) انتهى. وهو ظاهر ـ كما ترى ـ في التعميم ، فإن إطلاق كلامه يقتضي عدم الفرق بين تجاوز النصف وعدمه. ونحوه كلامه في غيره وغيره في غيره.
الخامس ـ ان ما طعن به على المحقق ـ في إضافة الوتر إلى الصلاة الواجبة وانه يقطع لأجلها الطواف ونسبته له إلى الندرة ـ مردود بما قدمناه من دلالة صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج على ذلك ، فالرد لهذا القول رد
__________________
(١) المغني ج ٣ ص ٤١٣ طبع مطبعة المنار.