وقال الشيخ في المبسوط : المواضع التي يجب ان يكون الإنسان فيها مفيقا حتى تجزئه أربعة : الإحرام والوقوف بالموقفين والطواف والسعي وصلاة الطواف حكمها حكم الأربعة سواء ، وكذلك طواف النساء ، وكذلك حكم النوم سواء ، والاولى ان نقول يصح منه الوقوف بالموقفين وان كان نائما ، لأن الفرض الكون فيه لا الذكر. وقال ابن إدريس بعد نقل ذلك عنه : هذا غير واضح ، ولا بد من نية الوقوف بغير خلاف ، والإجماع عليه. الا انه قال في نهايته : ومن حضر المناسك كلها ورتبها في موضعها الا انه كان سكران ، فلا حج له ، وكان عليه الحج من قابل. وهذا هو الواضح الصحيح الذي تقتضيه الأصول. قال : والأولى عندي انه لا يصح منه شيء من العبادات إذا كان مجنونا ، لان الرسول (صلىاللهعليهوآله) قال «الأعمال بالنيات» (١). و «انما لا لامرئ ما نوى» (٢). والنية لا تصح منه. وقال تعالى «وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى» (٣) فنفى (تعالى) ان يجزي أحد بعمله الا ما أريد وطلب به وجه ربه الأعلى والمجنون لا ارادة له.
وقال في المختلف بعد نقل القولين المذكورين : واعلم ان الشيخ شرط العقل في المواضع التي يفوت الحج بتركها ، وما عداها يجب عليه فعلها ولكن يجزئه الحج ، فقوله ـ : «المواضع التي يجب ان يكون الإنسان فيها مفيقا حتى يجزئه أربعة» ـ يشير بذاك الى إجزاء الحج ، وحينئذ يتم
__________________
(١ و ٢) الوسائل الباب ٥ من مقدمة العبادات والباب ١ من النية في الصلاة والباب ٢ من وجوب الصوم.
(٣) سورة الليل الآية ١٩ و ٢٠.