لقوله (عليهالسلام) في صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة (١) : «يقيم مع الناس حراما أيام التشريق ولا عمرة فيها ، فإذا انقضت ، طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة. الحديث». وفي صحيحة ضريس (٢) «يقيم على إحرامه ، ويقطع التلبية حين يدخل مكة ، فيطوف ، ويسعى بين الصفا والمروة ، ويحلق رأسه ، وينصرف إلى اهله ان شاء.». دلت الروايتان على وجوب الإتيان بأفعال العمرة على من فاته الحج من غير تعرض لنقل النية ، فلا تكون النية معتبرة. ولا ينافي ذلك قوله (عليهالسلام) في صحيحة معاوية بن عمار (٣) : «فليجعلها عمرة». لأن الظاهر ان معنى جعلها عمرة الإتيان بأفعال العمرة. ولا ريب ان العدول اولى وأحوط. انتهى
أقول : لا يخفى عليك ما في هذا الكلام من الغفلة أو المجازفة ، وذلك فان الطواف والسعي والتقصير لا مخرج له من ان يكون في حج أو عمرة إذ لا ثالث ، ولم يشرع ذلك خارجا عن الفردين المذكورين ، وحينئذ فإذا انتفى كونها للحج تعين ان تكون للعمرة ، ولا معنى لكونها للعمرة وهو لم يقصد بها للعمرة ، لأن العبادات بل الأفعال مطلقا لا يمتاز بعضها عن بعض الا بالقصود والنيات ، كلطمة اليتيم تأديبا وظلما ، ونحوها ، فكيف تصير عمرة بمجرد فوات الحج من غير ان يقصد العدول بإحرامه إلى أفعال العمرة؟ والتعبير بقوله : «يجعلها عمرة» ليس مقصورا على صحيحة معاوية بن عمار ، بل أكثر الروايات المتقدمة قد تضمن ذلك ، كصحيحة معاوية المذكورة وصحيحة
__________________
(١) برقم ٣ ص ٤٦٣.
(٢) المتقدمة برقم ١ ص ٤٦٤.
(٣) المتقدمة برقم ١ ص ٤٦٢.