واضح ، وهذه اخبار آحاد لا يلتفت إليها ولا يعرج عليها ، وهذه أمور شرعية يحتاج مثبتها ومدعيها إلى أدلة شرعية ، ولا دلالة من كتاب ولا سنة مقطوع بها ولا إجماع ، وأصحابنا لا يوردون هذا في كتبهم ولا يودعونه في تصانيفهم ، وإنما أورده شيخنا أبو جعفر في نهايته إيرادا لا اعتقادا ، لان الكتاب المذكور كتاب خبر لا كتاب بحث ونظر وكثيرا ما يورد فيه أشياء غير معمول عليها. والأصل براءة الذمة من التكاليف الشرعية.
وقال العلامة في المختلف بعد نقل كلام ابن إدريس ـ ونعم ما قال ـ : وهذا الإنكار من ابن إدريس خطأ ، فإن الشيخ قد ذكره في غير كتاب النهاية ، وابن البراج ايضا ذكره ، والصدوق ـ وهو شيخ الجماعة وكبيرهم ـ قد روى في كتاب من لا يحضره الفقيه (١) في الصحيح عن معاوية بن عمار. ثم ساق الرواية كما سيأتي ان شاء الله (تعالى) ونقل عنه أيضا المرسلة الآتية ، وساق جملة من روايات المسألة الآتية ان شاء الله (تعالى) ، وقال بعدها : وهذه الاخبار متظاهرة مشهورة صحيحة السند ، عمل بها أكثر العلماء ، فكيف يجعل ذلك شاذا من غير دليل؟ وهل هذا إلا جهل منه بمواقع الأدلة ومدارك أحكام الشرع؟ انتهى.
أقول : وها أنا أسوق إليك ما وقفت عليه من الاخبار في المسألة :
فمنها : صحيحة معاوية بن عمار المشار إليها آنفا المروية في من لا يحضره الفقيه (٢) قال : «سألت أبا عبد الله (عليهالسلام) عن الرجل يبعث بالهدي تطوعا وليس بواجب. فقال : يواعد أصحابه يوما فيقلدونه ، فإذا
__________________
(١ و ٢) ج ٢ ص ٣٠٦ ، والوسائل الباب ٩ من الإحصار والصد.