أمير المؤمنين عليهالسلام في مكاتب كان تحته امرأة حرة فأوصت له عند موتها بوصية ، فقال : أهل الميراث لا نجيز وصيتها له ، انه مكاتب لم يعتق ولا يرث ، فقضى بأنه يرث بحساب ما أعتق منه ، ويجوز له من الوصية بحساب ما أعتق منه ، وقضى في مكاتب أوصى له بوصية ، وقد قضى نصف ما عليه فأجاز له نصف الوصية ، وقضى في مكاتب قضى ربع ما عليه فأوصى له بوصية فأجاز ربع الوصية».
وبهذا المضمون أيضا أخبار عديدة وظاهر هذه الأخبار كما ترى أنه ينتقل الموصى به الى الموصى له ، وان لم يحصل القبول ، إذ لا إشارة في شيء منها الى اشتراط القبول من الموصى له كما ادعوه ، وإطلاقها كما ترى شامل لما لو كان ثمة قبول أو لم يكن ، وعدم الاستفصال دليل العموم في المقال ، كما صرح به جملة علمائنا الأبدال ، ويؤيد ما ذكرنا ظاهر الآية ، أعني قوله سبحانه (١) «مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ» وجواب العلامة ـ بحمل الآية على معنى وصية مقبولة والوصية بدون القبول ليست كذلك ، ـ لا يخرج عن المصادرة ، مضافا الى أن ما ذكره خلاف الظاهر ، وارتكاب التقدير والتأويل ، فرع وجود الدليل على القبول وبهذا يظهر أن ما ادعوه أيضا من كون الوصية من جملة العقود محل توقف واشكال لعدم الدليل عليه ، مع ظهور هذه النصوص ونحوها في عدم وجود القبول فيها ، ولو كان عقدا لوجب القبول ، ودل عليه دليل منها ، والأمر كما ترى بخلافه.
فإن قيل : انه لا تصريح في أكثرها بالموت أيضا ، بل ظاهرها حصول الانتقال بمجرد الوصية ، مع أنكم لا تقولون به ، قلنا : قد قام الدليل على أن للموصى الرجوع في الوصية ما دام حيا ، وهو مؤذن بعدم الانتقال عنه في حياته ، فوجب تخصيص إطلاق هذه الأخبار بذلك ، وأما القبول فلم يقم عليه دليل ، ليمكن تخصيصها به أيضا ، فيبقى الإطلاق بالنسبة إليه سالما من المعارض ، وحينئذ فإذا لم يقم دليل على اعتباره فإنه يرجع الحكم فيه الى حكم الوصية لغير معين.
__________________
(١) سورة النساء ـ الاية ١١.