وبالجملة فإن التصرف في الصورة الأولى لما كان بعد زمان الموت الذي ينتقل فيه المال الى الوارث صار كأنه تصرف في مال الوارث ، فمنع منه ، والتصرف في الصورة الأخرى لما كان في الحياة ولا تعلق له على الموت ، كان كتصرف الصحيح في ماله ، يفعل به ما يشاء.
وبما شرحناه يظهر لك أن أكثر هذه الأخبار غير ظاهرة الدلالة ، وما ربما يظهر منه ذلك فسبيله الحمل على التقية التي هي الأصل في اختلاف الأخبار ، وأما روايات القول الأول الذي عليه المعول ، فهي جميعا صريحة الدلالة ، واضحة المقالة ، لا مجال للطعن في دلالتها بوجه من الوجوه ، نعم بناء على هذا الاصطلاح المحدث الذي قد عرفت أنه لا أصل له ، ولا دليل عليه ، بل الأدلة على بطلانه لمن نظر بعين الإنصاف ورجع اليه ، اتجه لأصحاب هذا الاصطلاح الطعن فيها بضعف السند ، مع أنك قد عرفت أن فيها الصحيح ، ومن أجل ما قلنا توقف شيخنا الشهيد الثاني في المسالك بعد البحث في المسئلة في ترجيح أحد القولين ، وتبعه المحدث الكاشاني في المفاتيح ، كما هي عادته فيه غالبا ، فقال في المسئلة المذكورة : وفي منع المريض من التبرعات المنجزة التي لا تستلزم تفويت المال على الورثة من غير عوض زيادة على الثلث من دون إذنهم أو إجازتهم قولان : وفي الأدلة من الجانبين نظر ، إذ ما صح سنده غير دال ، وما هو دال غير صحيح السند ولا معتبر ، إلا موثق في طرف الجواز ، مؤيد بالأصل ، وهو أن صاحب المال أحق بماله ما دام حيا ، ولكنه معارض بالأكثرية والأشهرية ، انتهى.
وبالجملة فإن من لا يرى العمل بهذا الاصطلاح المحدث ، وانما عمله على الاصطلاح القديم في الحكم بصحة جميع الأخبار ، فإنه لا يرتاب ولا يشك في صحة ما اخترناه.