إحداهما : بالسؤال منهم عمَّن هو أولى بهم من أنفسهم ، ثم قال : «إنَّ الله مولاي ، وأنا مولى المؤمنين ، وأنا أولى بهم من أنفسهم ، ثمَّ كرر القول : (فمن كنت مولاه فعلي مولاه)» ـ ثلاثاً أو أربعاً ، فكانت تلك بيعة عامة ممَّن حضر.
والأخرى : البيعة الخاصة التي أداها كل فرد منهم ، إذ أجلس الإمام علياً عليهالسلام بعد فراغه من الخطبة ، وأمرهم أن يبايعوه (١) ، فبادر الناس إليها امتثالاً لأمره.
وإذا كان كل عقد يحتاج إلى الإشهاد لتوثيقه ، وتوكيده ، وإعطائه القوة في إلزام من أقرَّ به ، فقد وثق النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عقد بيعة الولاية يوم غدير خم بشهادة ذلك الحشد الكبير ، إذ سألهم : ألست قد بلغت؟. فأجابوه : اللهم بلى. وبذلك شهدوا له بالتبليغ بما أمره الله تعالى به ، وشهدوا على أنفسهم بالعلم بما ألزمهم به هذا التبليغ من عقد البيعة للإمام علي عليهالسلام ، فكان بعضهم شاهداً على بعض.
ولم يكتف النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بهذا التوثيق الذي يتجاوز عدد الشهود فيه مائة ألف شاهد ، بل أكده بشهادة الحَكَم العدل ، فقال : اللهم اشهد ، وكفى بك شهيداً ، وحاكماً بين العباد ، وليس بعد توثيق البيعة بشهادة الله عزوجل شيء ، فقد أشهده على نفسه بأنَّه بلغهم ، وأشهده عليهم بأنَّهم أقروا على أنفسهم بأنَّهم بُلِّغوا ، وعلموا بما ألزمهم ، به من ولاية علي عليهالسلام ومن كان الله تعالى شهيداً عليه فلا يجد مفراً من الإقرار والإعتراف.
ومن جحد ولاية الإمام علي عليهالسلام بعد الإقرار بها ، والعلم بأنَّها بأمر من الله عزوجل بلَّغها إلى الأمة نبيه الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم وبعد أن أعطى بها عهداً موثقا بشهادة الله تعالى ، ورسوله ، والمؤمنين ، فهو راد على الله ورسوله ، وهو مستحق للعن ، ولا فرق في
__________________
(١) الغدير ١ / ٢٧٠ ـ ٢٨٣ فيه مختلف روايات البيعة.