على المنابر (١).
وسار على سيرة معاوية في التشجيع على وضع الحديث أغلب من تسلط بعده على الدولة الإسلامية في العهدين : الأموي ، والعباسي فانتشرت ـ بشكل فضيع ـ الأحاديث التي وضعها الطامعون في فضائل الصحابة (٢) ، والتي توهم تفضيل بعضهم على الإمام علي عليهالسلام ، ومساواة البعض الآخر له في الفضل ، ومن تفحص الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة ، يتضح له ضعف أسانيدها ، وركة متونها ، ومناقضة تلك المتون لسيرتهم ، فهي تحمل معها شواهد وضعها ، ولكن التعصب جعلها مما يحتج به ، ويقدم ـ أحيانا ـ على الصحيح ، والمتواتر ـ كما مر ـ
أمّا ما جاء في الإمام علي عليهالسلام من تفسير لآيات الذكر الحكيم ، وما جاء من الحديث النبوي الشريف ، فهو إمّا متواتر ، أو صحيح ، أو حسن ، ويندر فيه الضعيف حتى لا نكاد نجده ، وقد ادعى المتعصبون ضعف بعض الأحاديث ، أو وضعها ، ولكن التحقيق يثبت خلاف ذلك ، وقد نص على صحة ما روي من الأحاديث في فضائل الإمام علي عليهالسلام غير واحد من أئمة الحديث عند السنة ، يقول أحمد بن حنبل ، وإسماعيل بن إسحاق القاضي ، والنسائي : (لم يرو في فضائل أحدٍ من الصحابة بالأسانيد الحسان (٣) ما روي في فضائل علي بن أبي طالب (٤)).
وكل من عدل عن الإمام علي عليهالسلام بعد قيام الحجة بالأحاديث المستفيضة التي
__________________
(١) راجع فصيل ذلك في شرح نهج البلاغة ١١ / ٤٤ ـ ٤٦.
(٢) راجع الغدير ففيه بحث مفصل عن أحاديث الفضائل.
(٣) يظهر أنّ المقصود بالحسان ما هو أعم من المعنى الاصطلاحي أي ما يشمل المتواتر والصحيح والحسن.
(٤) شواهد التنزيل ١ / ٢٧ ، الصواوعق المحرقة ١٢٠ ، فضائل الخمسة ١ / ١٦٧.