وعمه حمزة عليهماالسلام بحمل السيف فيها ، فكانا ، يتناوبان حراسة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مدة مقاطعة قريش والحصار في الشعب ، وقد ختم هذا الدور بالمبيت على فراشه ليلة الهجرة ، واقياً له بنفسه ، وباذلاً مهجته في سبيل نجاته.
كانت الأرض مشحونة بالضلال لانتشاره في جميع أرجائها ، فالناس بين عابد وثن ، وعابد نار ، هوى يدعي التمسك بالدين ، ولكنه يخالف أصوله وفروعه ، ويشوه معالمه ، ويحرفه عن واقعه ، وكل هؤلاء في واقعهم يعبدون الشيطان ، حيث ساروا في ركابه ، وأطاعوه طاعة عمياء ، وانتهجوا ما رسمه لهم بمكره ، وتعصّبوا له.
لم يذعنوا للنبي المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم في دعوته إلى الإسلام ، إذ جاءهم بالقرآن الكريم الذي هو معجزة الدهر الخالدة ، ليهديهم إلى ال حق بأسلوب الإستدلال العقلي ، وتقديم الأدلة المنطقية ، وهو يتدرّج معهم بتقديم الدليل تلو الدليل ، ويرجعهم إلى البديهة ليستخلص لهم منها أدلة رصينة ، وبراهين قوية وفق استنتاج واقعي طبيعي ، ممّا يعيشونه في حياتهم ، وما يحيط بهم ، ليرشدهم إلى ما ينير عقولهم ، ويهديهم إلى سبل الخير والصلاح ، ويضع نصب أعينهم ما يدلّهم على بطلان ما هم فيه من ضلال ، يدعم كل ذلك بالمعجزات التي تدعم رسالة السماء وتدلهم على صحة ما جاء به.
لم يُجدِ كل ذلك معهم نفعاً ، بل كانوا يطالبونه بالإتيان بمعجزة ، فإذا جاءهم بها ، لم يزدادوا إلّا تعصّباً لما هم فيه من ضلال ، يصف لنا الإمام علي عليهالسلام أحد تلك المواقف حيث يقول : «ولقد كنت معه صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا أتاه الملأ من قريش ، فقالوا له : يا محمد ، إنك قد ادّعيت عظيماً ، لم يدَّعه آباؤك ، ولا أحد من أهل بيتك ، ونحن نسألك أمراً إن أنت أجبتنا إليه ، وأريتناه ، علمنا أنَّك نبي ورسول ، وإن لم تفعل