أم حصل ما أنبأ به الذكر الحكيم في قوله تعالى : (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ)(١)؟! إنَّ نسيان هذا الحدث الخطير ـ على ما فصلناه ـ أمر غير ممكن في مثل هذه المدة القصيرة ، بل وفي مدة أطول منها ومهما طال الزمن ، فيتعين إذاً الإنقلاب على الأعقاب ، وعدم الإيمان بما جاء به الرسول الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم في ولاية علي عليهالسلام عن الله عزوجل.
ولابد من تكرار القول بأنَّ الإيمان بما أنزل الله عزوجل فيه ، يعني الإيمان بأنَّه خليفة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وولي أمور المسلمين بعه بلا فصل بما تعنيه هذه الولاية من كونه أولى بهم من أنفسهم ، يتصرف في شؤونهم حسب ما يقرره الشرع القويم ، وبما تستلزمه هذه الولاية العامة من وجوب الطاعة ، والإذعان لأوامره ، ونواهيه ، ووجوب نصرته ، ومحاربة أعدائه ، والبراءة منهم ... وما إلى ذلك من لوازم الولاية.
والشيعة يؤمنون بولايته عليهالسلام بهذا المعنى ، يتعبّدون بما قامت عليه الأدلة القطعية ، لا يحيدون عنها ، وقد ضحّوا من أجل ذلك بكل غال ونفيس ، وجادوا بأنفسهم للثبات على هذه العقيدة ، ومقاومة من نصب العداء لأهل البيت عليهمالسلام ، وحاول استئصالهم ، واستئصال شيعتهم.
ومن لم يؤمن بهذه الولاية بعد قيام الأدلة القطعية عليها ، وهي أدلة لا تقبل التأويل ، والتمحل ، فإنَّه مخالف لأوامر الله تعالى ، ورادّ على رسوله الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وجاحد لما جاء به عنه واهتم بتبليغه ، وأكد عليه ، ولا شك أنَّ من نهج هذا السبيل المعوج لا يزداد إلّا خسراناً في الدنيا والآخرة ، لمخالفته لله عزوجل ، ولرسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم عناداً وتعصباً ، وهو من الضالين الهالكين.
__________________
(١) آل عمران ٣ : ١٤٤.