فيهم ، وأودع أسرار رسالته إلى وصيه المرتضى الإمام علي عليهالسلام ليكون مرجع الأمة بعده ، ثمَّ نوَّه عنه ، وأرشد إليه ، فأخبرهم بأنَّه موضع سرّه ، وعيبة علمه ، وباب مدينة علمه (١) ، إلى غير ذلك من الأحاديث التي أرشد فيها إليه ، وبهذا حفظ الأمانة ، وأدّاها خير أداء ، فكان الإمام علي عليهالسلام بذلك الأمين بعد الأمين صلىاللهعليهوآلهوسلم.
والوحي يشتمل على العزائم ، وعلى غيرها من الأحكام ، وائتمانه على العزائم يتفرع عن ائتمانه على الوحي ، وقد بلَّغها إلى الناس ، وحثهم على العمل بها ، كما حثهم على عدم التهاون بها ، أو تركها.
وهو الخاتِم لما سبقه من الأنبياء والمسلين ، ورسالته خاتمة الرسائل ؛ لذا فالتعبد بما جاء به واجب على كافة البشر إلى يوم الدين.
وهو الفاتح للناس أبواب الإيمان والعلم بعد أن كانت عقولهم مستغلقة على الكفر والجهل ، فهو المنقذ من الضلال ، والمرشد إلى الخير في النشأتين.
وطبيعة رسالة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم تقتضي أن يكون شاهداً ، ورقيباً ، وحافظاً ، يهيمن على الرسالة تبليغاً ، وتطبيقاً ، قال تعالى : (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا)(٢) ، وسيرته مع أمته كانت خير تطبيق لذلك ، إذ كان يرشد الضال ، ويبشر المخلص ، ويحاسب المقصر ، باذلاً أقصى الجهد في تبليغ الرسالة ، وتطبيقها.
__________________
(١) سيأتي ذكر مصادر هذه الأحاديث في موضعها من الزيارة.
(٢) الفتح : ٨.