يبادر نهابا ، فسبقت الخيل الخبر وجاءهم من ثلاثة مواضع فقتل فيهم مقتلة لم يقتلوا مثلها ، وسبى وغنم فقسم في الناس فيئهم ، وبعث بأخماس الغنم والسبي مع الصباح بن فلان المري(١) ، وكانت في الأخماس ابنة مؤذن النمري ، وليلى بنت خالد وريحانة بنت الهذيل بن هبيرة (٢) ؛ ولم يعلم من أحد إنكار السبي في أحد ممن كفر بالله تعالى ، وكانت له شوكة وكفره بوجوه لا تنحصر هاهنا.
[بعض وجوه الكفر]
منها : أن ينكر شيئا مما علم من دين النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ضرورة ، ولو كان شيئا واحدا من ألوف كثيرة قد اعترف بجميعها إلا ذلك الشيء ، أو ينفي عن الله تعالى فعلا واحدا من أفعاله التي لا ينحصر أعدادها ، أو يضيف إلى الله تعالى فعلا واحدا من أفعال عباده.
وهذه الفرقة الملعونة أضافت إلى الله تعالى جميع أفعال المخلوقين ، أما البهائم فقالوا : إنها مجبورة وفعل المجبور فعل جابره.
قلنا : وكيف يذم الباري تعالى فعله وهو يقول : (إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) [لقمان : ١٩] وكيف يكون عضال الكلب وسفاد البهائم فعل رب العالمين المتعالي عن القبيح.
وأما أفعال المكلفين فقالوا : فعل العبد لا يعدوه ولا يوجد في غيره ، وهو ضرب وانضراب فالضرب فعل العبد وهو حركة يده لا يتجاوزها ، والانضراب هو انقطاع الجسم وهو فعل الله بما يجعله ينقطع ، وناظروا على ذلك ولا خلاف بينهم فيه ، أخزاهم الله وعجل انتقامهم ، وعلى علتهم هذه في الأفعال تلزم حركات
__________________
(١) في الطبري : مع الصباح بن فلان المزني.
(٢) في الطبري : ابنة مؤذن النمري ، كما أثبتناه ، وفي المخطوطات : ابنة مودي الفهر.