ورد أنّ أوّل شيء أحدثه الناس بعد رسول الله ، اتّخاذ المناخل ولين العيش من المباحات.
وإنّما يصح إطلاق البدعة عليها بالمعنى اللغوي ، بمعنى الشيء الجديد ، سواء كان عملاً دينياً أو عادياً. وقد وافقَنا على نفي ذاك التقسيم لفيف من المحقّقين :
منهم : أبو إسحاق الشاطبي في كلام مسهب نذكر منه ما يلي :
إنّ متعقّل البدعة يقتضي ذلك بنفسه لأنّه من باب مضادة الشارع واطّراح الشرع ، وكلّ ما كان بهذه المثابة فمحال أن ينقسم إلى حسن وقبيح ، وأن يكون منه ما يمدح ومنه ما يذم ؛ إذ لا يصح في معقول ولا منقول استحسان مشاقة الشارع. وأيضاً فلو فرض أنّه جاء في النقل استحسان بعض البدع أو استثناء بعضها عن الذمّ لم يتصوّر ؛ لأنّ البدعة طريقة تضاهي المشروعة من غير أن تكون كذلك. وكون الشارع يستحسنها دليل على مشروعيتها ؛ إذ لو قال الشارع «المحدثة الفلانية حسنة» لصارت مشروعة.
ولمّا ثبت ذمّها ، ثبت ذمّ صاحبها ، لأنّها ليست بمذمومة من حيث تصوّرها فقط ، بل من حيث اتّصف بها المتّصف ، فهو إذن المذموم على الحقيقة ، والذمّ خاصة التأثيم ، فالمبتدع مذموم آثم ، وذلك على الإطلاق والعموم» (١).
ومنهم : العلّامة المجلسي قال : «إحداث أمر لم يرد فيه نصّ بدعة ، سواء كان أصله مبتدعاً أو خصوصياته مبتدعة فلربما يقال : إنّ البدعة منقسمة بانقسام الأحكام الخمسة أمر باطل ؛ إذ لا تطلق البدعة إلّا على ما كان محرّماً ، كما قال رسول الله : «كلّ بدعة ضلالة ، وكلّ ضلالة سبيلها إلى النار» (٢).
ومنهم : الشهيد في قواعده قال : محدثات الأُمور بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله تنقسم أقساماً :
__________________
(١) الموافقات ١ : ١٤٢.
(٢) البحار ٧٤ : ٢٠٣.