٢ ـ عادات : ينتفعون بها في معايشهم ، والأصل فيها أن لا يُحظر فيها إلّا ما حظر الله»(١).
ثمّ إنّه لو أتى في العادات بما حظره الله لا تعدّ بدعة بل يكون محرّماً ، لأنّ المفروض أنّه يأتي به ويُحدثه باسم التقاليد لا باسم الدين ، وربما يعترف بكونه على خلاف الدين ، كإشراك النساء السافرات في الضيافة مع الرجال. حتى وإن صار الأمر العادي المحرم رائجاً بينهم.
نعم شذّ قول الدكتور عزت علي في المقام حيث يقول : «فيما حظره الله منها إذا كان من الأُمور المحدثة كان بدعة» (٢).
لكن يلاحظ عليه ، بما ذكرناه في تحديد البدعة بتضافر الكتاب والسنّة على كونه التدخل في أمر الشريعة بالزيادة أو النقيصة وتنسيبه إلى الشارع ، وهذا لا يصدق على كلّ محدث في الأُمور العادية ، وإن كان محرّماً ، نعم هو بدعة بالمعنى اللغوي ، حتى لو صار عمله الإجرامي سنّة سيئة يكون عليه وزر كل من عمله بها ، لكن لا بما أنّه أبْدَع في الدين ، وتدخل في الشريعة ، وقد مرّ نص في تفسير قوله صلىاللهعليهوآله : «من سنّ سنّة حسنة ...» ما يفيدك في المقام.
قال الشيخ شلتوت : «التكاليف الشرعية تنقسم إلى عقائد وعبادات ومحرّمات (٣) ، ثمّ قال : أمّا ما لم يتعبدنا (٤) الله بشيء منه ، وإنّما فوّض لنا الأمر فيه باختيار ما نراه موافقاً لمصلحتنا ، ومحققاً لخيرنا بحسب العصور والبيئات ، فانّ التصرّف فيه بالتنظيم أو التغير ، لا يكون من الابتداع الذي يؤثّر على تديّن
__________________
(١) اقتضاء الصراط المستقيم : ١٢٩.
(٢) البدعة : ٢٦٥.
(٣) لا يخفى ما من المسامحة في هذا الحصر ، لأنّ التكاليف الشرعية أوسع من الثلاثة كالأحوال الشخصية.
(٤) يريد من التعبّد ، ما للشارع فيه دور ، فيعم جميع أبواب الفقه والأقسام الأربعة.