المسلمين ، نظراء : كعب الأحبار ، وتميم الداري ، ووهب بن منبه ، ومن كان على شاكلتهم.
إنّ كتب الحديث ، من غير فرق بين الصحاح وغيرها ، مشحونة بأخبار التجسيم والتشبيه والجبر ونفي الاستطاعة المكتسبة ونسبة الكذب والعصيان إلى الأنبياء والرسل ، وقد تأثّر بها المحدّثون السُّذَّج وحسبوا أنّها حقائق راهنة فنقلوها إلى الأجيال اللّاحقة ، وقد حيكت العقائد على منوال هذه الأحاديث ، ولم يتجرّأ أحد من المفكّرين الإسلاميين القدامى والجدد على نقدها إلّا من شذّ.
وفي مقابل هذه البدع نرى أنّ أئمة أهل البيت يكافحون التجسيم والتشبيه والجبر وغيرهما بخطبهم ورسائلهم ومناظراتهم أمام حشد عظيم. وفي وسع القارئ الكريم مراجعة نهج البلاغة للإمام عليّ عليهالسلام وكتاب التوحيد للشيخ الصدوق (٣٠٦ ـ ٣٨١ ه) ، وكتاب الاحتجاج للشيخ الطبرسي (ت ٥٥٠ ه) ، إلى غير ذلك من الكتب المؤلّفة في هذا المضمار ، وما أحلى المناظرات التي أجراها الإمام عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام في عاصمة الخلافة الإسلامية (مرو) يوم ذاك مع الماديّين والملحدين وأحبار اليهود وقساوسة النصارى ، بل ومع المتزمّتين المغترّين بتلك الأحاديث.
لقد كان لفكرة الإرجاء التي تدعو إلى التسامح الديني في العمل ، واجهة بديعة عند السذّج من المسلمين ولا سيّما الشباب منهم ، فقام الإمام الصادق بردّها والتنديد بها ، وقد أصدر بياناً فيها حيث قال : «بادروا أولادكم بالحديث قبل أن تسبقكم إليهم المرجئة» (١).
هذا هو الإمام الثامن عليّ بن موسى الرضا يكافح فكرة رؤية الله تبارك وتعالى بالعين.
__________________
(١) الكافي ٦ : ٤٧ / ٥ ؛ ولاحظ البحار ٦٨ : ٢٩٧.