التي تثيرها كلّ يوم الوسائل الإعلامية على الإطلاق في معسكر الغرب والشرق ، وهل يمكن صدّ هذا التيار بهذه الكتب؟ كلّا ، ومن قال نعم ؛ فإنّما يقوله بلسانه وينكره بقلبه.
كلّ ذلك يسوقنا إلى أن نعطي للعقائد والمعارف قسماً أوفر في دراساتنا ، حتى تتميز البدع عن غيرها ، نعم انّ من يتلقى كلّ ما ذكره أحمد بن حنبل في كتاب السنّة والإمامين السابقين في رسالتهما لا غبار عليه ، وإن كان ضدّ الكتاب والسنّة المتواترة والعقل الفطري الصريح فلا يحسّ وظيفة أصلاً ، وكلامنا مع المفكّرين الواعين العالمين بما يجري في البلاد على الإسلام والشباب ، وما يثار من إشكالات حول الأُصول حتى التوحيد نفسه.
الثاني : تمحيص السنّة ودراستها من جديد دراسة عميقة سنداً ومضموناً مقارنةً مع الكتاب والسنن القطعية عن الرسول ، فانّ أكثر البدع لها جذور في السنّة المدوّنة ، وهوصلىاللهعليهوآله عنها بريء ، وإنّما اختلقها الوضّاعون الكذّابون على لسانه. غير أنّ مسلمة أهل الكتاب وبما أنّهم لم يروا النبي الأكرم قد نسبوها إلى أنبيائهم وكتبهم ، ونسبها بعض السلف إلى نفس النبيّ الأكرم ، وها نحن نضع أمامك حديثين رواهما الشيخان في مورد الأنبياء حتى نتخذهما مقياساً لما لم نذكره.
إنّه سبحانه يعرّف فضله على النبيّ الأكرم بقوله : (وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً) (١) والمراد من فضله سبحانه في ذيل الآية هو علم النبي الذي أفاضه الله عليه ووصفه بكونه عظيماً ، مضافاً إلى ما في صدر الآية من إنزال الكتاب والحكمة عليه. ومع ذلك نرى أنّ الرسول في الصحيحين يُعرّف بصورة أنّه لا علم له بأبسط الأُمور وأوضح السنن الطبيعية في عالم النباتات ، حيث رأى قوماً يلقّحون النخيل فنهاهم عن ذلك
__________________
(١) النساء : ١١٣.