كحديث أبي هريرة وأبي ذر لا يدلّ على أنّها سنّة راتبة لكلّ أحد ، وإنّما أوصى أبا هريرة بذلك ؛ لأنّه قد روي أنّ أبا هريرة كان يختار درس الحديث بالليل على الصلاة ، فأمره بالضحى بدلاً من قيام الليل ، ولهذا أمره لا ينام حتّى يوتر ولم يأمر بذلك أبا بكر وعمر وسائر الصحابة» (١).
٣ ـ روي عن عبيد الله بن عُتيبة أنّه قال : دخلت على عمر بن الخطاب بالهاجرة ، فوجدته يُسبِّحُ ، فقمت وراءه ، فقرّبني حتّى جعلني حِذاءَهُ عن يمينه ، فلمّا جاء «يرفأ» (٢) تأخّرتُ فَصَفَفْنا وراءه (٣).
ولكن عمل الخليفة مجهول العنوان ، فمن أين يعلم بأنّه كان يصلّي الضحى؟ خاصّة مع شهادة ولده كما سيأتي بأنّه ما كان يصلّيها. ثمّ إنّ الهاجرة لغة ليست بمعنى الضحى ، بل بمعنى «نصف النهار عند زوال الشمس إلى العصر» (٤) على المشهور ، فسبحة الهاجرة تنطبق على نافلة الظهر ، وبناءً على ما حكي عن ابن السكيت بأنّ : الهاجرة إنّما تكون بالقيظ ، وقبل الظهر بقليل وبعدها بقليل (٥) فالرواية مجملة ؛ إذ كما يحتمل فيها صلاة الضحى يحتمل نافلة الظهر ، ولا مرجّح للأوّل على الثاني.
٤ ـ ما روي عن أبي هريرة قال : ما رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله يصلّي الضحى قطّ إلّا مرّة (٦).
فصدر الحديث ينفي صلاة الضحى وذيله مجمل ؛ لاحتمال أنّ النبي صلىاللهعليهوآله كان قد صلّى صلاة بسبب آخر ، كالحاجة أو غيرها ، وخفى على أبي هريرة ، فتصوّر أنّه صلّى الضحى ؛ إذ ليس فيه أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله أعرب عن نيّة عمله.
__________________
(١) زاد المعاد ١ : ١١٩.
(٢) «يرفأ» اسم خادم عمر.
(٣) الموطأ للامام مالك ١ : ١٤٣ باب جامع سبحةِ الضّحى ، ط. دار الجيل ودار الآفاق.
(٤) و (٥) لسان العرب ، مادة «هجر».
(٦) مسند الإمام أحمد بن حنبل ٢ : ٤٤٦.