قال ابن رشد : «جمهور فقهاء الأمصار على أنّ الطلاق بلفظ الثلاث حكمه حكم الطلقة الثالثة ، وقال أهل الظاهر وجماعة : حكمه حكم الواحدة ، ولا تأثير للّفظ في ذلك»(١).
قال الشيخ الطوسي : «إذا طلّقها ثلاثاً بلفظ واحد ، كان مبدعاً ووقعت واحدة عند تكامل الشروط عند أكثر أصحابنا ، وفيهم من قال : لا يقع شيء أصلاً ، وبه قال عليّ عليهالسلام وأهل الظاهر ، وحكى الطحاوي عن محمد بن إسحاق أنّه تقع واحدة كما قلناه ، وروي أنّ ابن عباس وطاووساً كانا يذهبان إلى ما يقوله الإمامية.
وقال الشافعي : فإن طلّقها ثنتين أو ثلاثاً في طهر لم يجامعها فيه ، دفعة أو متفرّقة ، كان ذلك مباحاً غير محذور ووقع. وبه قال في الصحابة عبد الرحمن بن عوف ، ورووه عن الحسن بن عليّ عليهماالسلام ، وفي التابعين ابن سيرين ، وفي الفقهاء أحمد وإسحاق وأبو ثور.
وقال قوم : إذا طلّقها في طهر واحد ثنتين أو ثلاثاً دفعة واحدة ، أو متفرّقة ، فعل محرّماً وعصى وأثم. ذهب إليه في الصحابة عليّ عليهالسلام وعمر ، وابن عمر ، وابن مسعود ، وابن عباس. وفي الفقهاء أبو حنيفة وأصحابه ومالك ، قالوا : إلّا أنّ ذلك واقع (٢).
قال أبو القاسم الخرقي في مختصره : وإذا قال لمدخول بها : أنت طالق ، أنت طالق ، لزمه تطليقتان إلّا أن يكون أراد بالثانية إفهامها أن قد وقعت بها الأُولى ؛ فتلزمه واحدة. وإن كانت غير مدخول بها بانت بالأُولى ، ولم يلزمها ما بعدها ؛ لأنّه
__________________
(١) بداية المجتهد ٢ : ٦٢ ط بيروت.
(٢) الخلاف : ٢ كتاب الطلاق ، المسألة ٣. وعلى ما ذكره ، نُقل عن الإمام عليّ رأيان متناقضان : عدم الوقوع والوقوع مع الإثم.