بحياة رسول الله صلىاللهعليهوآله ومدة وجوده بين الناس ، ولكنّنا نستخلص منها حكماً عامّاً شاملاً لا يختص بالحياة الدنيوية وذلك من خلال ما يلي :
أوّلاً : أنّ القرآن الكريم يصرّح بحياة الأنبياء والأولياء ـ وجماعات أُخرى ـ في البرزخ، ويعتبرهم مبصرين وسامعين في ذلك العالم.
ثانياً : أنّ الأحاديث الشريفة تصرّح بأنّ الملائكة تبلّغ خاتمَ الأنبياءصلىاللهعليهوآله سلامَ من يسلّم عليه ، فقد جاء في الصحاح : «ما من أحد يسلّم عليَّ إلّا ردّ الله عليَّ روحي حتّى أردَّ عليهالسلام» (١).
وقال صلىاللهعليهوآله : «صلّوا عليّ ؛ فإنّ صلاتكم تبلغني حيثما كنتم» (٢).
ثالثاً : إنّ المسلمين ـ منذ ذلك اليوم ـ فهموا من هذه الآية معنى مطلقاً لا ينتهي بموت رسول الله صلىاللهعليهوآله حتّى أنّ بعض الأعراب ـ بوحي من أذهانهم الخالصة من كلّ شائبة ـ كانوا يقصدون قبر رسول الله صلىاللهعليهوآله ويزورونه ويتلون هذه الآية عند قبره المطهّر ويطلبون منه الاستغفار لهم.
وقد ذكر تقيّ الدين السبكي في كتاب «شفاء السقام» والسمهودي في كتاب «وفاء الوفا» نماذج من زيارة المسلمين لقبر رسول الله ، وتلاوة هذه الآية عند قبره الشريف ، وفيما يلي نذكر بعض تلك النماذج :
روى سفيان بن عنبر عن العتبي ـ وكلاهما من مشايخ الشافعي وأساتذته ـ أنّه قال : كنت جالساً عند قبر رسول الله صلىاللهعليهوآله فجاء أعرابيّ فقال :
«السلام عليك يا رسول الله ، سمعت الله يقول : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) (٣) وقد
__________________
(١) سنن أبي داود ١ : ٤٧٠ و ٤٧١ ، كتاب الحج ، باب زيارة القبور.
(٢) التاج الجامع للأُصول في أحاديث الرسول ٢ : ١٨٩.
(٣) النساء : ٦٤.