المساجد» (١) ، ولو صحّ أنّ ابن عباس أخذه عن كعب الأحبار كما يدّعيه علماء الرجال في ترجمة كعب الأحبار فلعلّه أخذ منه ، ومرويّات كعب إسرائيليّات لا يصحّ الاحتجاج بها.
غير أنّ ما تضافر عن النبيّ الأكرم خلاف ذلك ، حيث قال : «جُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً» (٢) ، فإذا كان جميع الأرض مسجداً لله تبارك وتعالى فيكون جميعها معبداً ومسجداً.
٨ ـ وربّما يتصوّر أنّ ذيل الآية الّذي جاء فيه قوله : (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) قرينة على أنّ المراد من البيوت هي المساجد ، ولكنّه غَفِلَ عن أنّ شأن بيوت الأنبياء والأولياء والصالحين ، شأن المساجد ، فهم فيها بين قائم وراكع وساجد وذاكر.
وقد اعتنى النبيّ الأكرم بشأن البيوت ؛ فقد عقد مسلم باباً في صحيحه لاستحباب إقامة صلاة النافلة في البيت وروى فيه الروايات التالية :
أ ـ عن ابن عمر عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتّخذوها قبوراً».
ب ـ عن ابن عمر عن النبي صلىاللهعليهوآله : «صلّوا في بيوتكم ولا تتّخذوها قبوراً».
ج ـ عن جابر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيباً من صلاته فإنّ الله جاعل في بيته من صلاته خيراً».
د ـ عن أبي موسى عن النبي صلىاللهعليهوآله : «مثل البيت الّذي يذكر الله فيه والبيت الّذي لا يذكر الله فيه مثل الحيّ والميّت».
__________________
(١) ابن كثير ، التفسير ٣ : ٢٩٢.
(٢) البخاري ، الصحيح ١ : ٩١ كتاب التيمم / ح ٢ ؛ البيهقي ، السنن : ٤٣٣ باب أينما أدركتك الصلاة فصلّ فهو مسجد.