والمزارات المبنيّة على الأنبياء وأتباعهم (١) ، تستر أجسادهم وتعظّم أبدانهم ، ربهم أعلم بهم.
ولكن قال آخرون وهم الذين غلبوا على أمر القائلين بالقول الأوّل وصار البلد تحت سلطتهم (لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً) ومعبداً وموضعاً للعبادة والسجود يتعبّد الناس فيه ببركاتهم.
هذا هو الظاهر المستفاد من الآية.
قال الرازي : (قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ) قيل : المراد به الملك المسلم وأولياء أصحاب الكهف ، وقيل : رؤساء البلد ، (لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً) نعبد الله ، وستبقى آثار أصحاب الكهف بسبب ذلك المسجد (٢).
وقال أبو حيان الأندلسي (٦٥٤ ـ ٧٥٤ ه) : روي أنّ الّتي دَعت إلى البنيان كانت ، كافرة ؛ أرادت بناء بيعة أو مصنع لكفرهم ، فمانعهم المؤمنون وبنوا عليهم مسجداً(٣).
وقال أبو السعود (ت ٩٥١ ه) : (قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ) وهم الملك والمسلمون (لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً) (٤).
وقال الزمخشري في الكشّاف : (قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ) من المسلمين وملكهم وكانوا أولى بهم وبالبناء عليهم : ليتّخذ على باب الكهف مسجداً يصلّي فيه المسلمون ويتبرّكون بمكانهم (٥).
إلى غير ذلك من الكلمات الواردة في تفسير الآية ، وكأنَّ الاتفاق موجود على أنّ القول بإيجاد البنيان على باب الكهف كان لغير المسلمين ، والقول ببناء المسجد
__________________
(١) محاسن التأويل ٧ : ٢١.
(٢) مفاتيح الغيب ٢١ : ١٠٥.
(٣) البحر المحيط ٦ : ١٠٩ ط. دار الكتب العلمية.
(٤) أبو السعود محمد بن محمد العمادي ، التفسير ٥ : ٢١٥.
(٥) الكشاف ٢ : ٢٤٥.