رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ) (١).
فإنّ هذه الآية تكشف عن أنّ الّذي يحتاج إلى البيان إنّما هو المحرّمات لا المباحات ، ولأجل ذلك لا وجه للتوقّف في العمل ، بعد ما لم يكن مبيّناً في جدول المحرّمات.
وبعبارة أُخرى : أنّ المسلم إذا لم يجد شيئاً في جدول المحرّمات لم يكن له تبرير لتوقّفه وعدم الحكم عليه بالإباحة والجواز والحلّية.
٢ ـ قال سبحانه : (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) (٢).
إنّها تكشف عن أنّ ما يلزم بيانه إنّما هو المحرّمات لا المباحات ، ولذلك يستدلّ مبلغ الوحي ـ ونعني به النبيّ الكريم صلىاللهعليهوآله ـ بأنّه لا يجد فيما أُوحي إليه محرّماً على طاعم يطعمه سوى الأُمور المذكورة ، فإذا لم يكن هناك منها شيء فهو محكوم بالحلّية والإباحة.
٣ ـ قال سبحانه : (مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (٣).
٤ ـ قال سبحانه أيضاً : (وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلَّا وَأَهْلُها ظالِمُونَ) (٤).
إنّ دلالة هاتين الآيتين على المقام واضحة ، فإنّ جملة «وما كان» تارة تستعمل في نفي الشأن والصلاحية ، وأُخرى في نفي كون الشيء أمراً ممكناً.
__________________
(١) الأنعام : ١١٩.
(٢) الأنعام : ١٤٥.
(٣) الإسراء : ١٥.
(٤) القصص : ٥٩.