إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى) (١).
فإنّ هذه الآية تدلّ على أنّ التعذيب قبل بعث الرسول مردود بحجّة المعذّبين وهي قولهم : (لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ) ، فلا يصحّ التعذيب إلّا بعد إتمام الحجّة عليهم ببعث الرسل.
وهذا يعني أنّ الأشياء مباحة جائزة الارتكاب خالية عن العقوبة أصلاً ، إلّا إذا ردع عنها الشارع بشكل من الأشكال الّتي منها إرسال الأنبياء.
٧ ـ قوله سبحانه : (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٢).
فإنّ ظاهر قوله : (ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ) أنّه حجّة تامّة صحيحة ، ويحتجّ به على كلّ من عذّب قبل البيان ، ولأجل ذلك قام سبحانه بإرسال الرسل حتّى لا يُحتج عليه ، بل تكون الحجة لله سبحانه.
وهذا يدلّ على أنّه لا يحكم على حرمة شيء ، ولا يجوز التعذيب على ارتكابه قبل بيان حكمه ؛ وذلك لأنّ بعث البشير والنذير كناية عن بيان الأحكام.
__________________
(١) طه : ١٣٤.
(٢) المائدة : ١٩.