بقولهم : (إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) (١) ، أي نعدّ الآلهةَ الكاذبة مساويةً لربّ العالمين في العبادة أو في الاعتقاد بالتدبير.
وقال سبحانه حاكياً عن حال الكافرين يوم القيامة : (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) (٢) ، أي يودّون أنْ يكونوا تراباً أو ميتاً مدفوناً تحت الأرض ، ويكونون كذلك والأرض متساوية.
ترى أنّ تلك المادة تعدّت إلى مفعولين وأُدخل حرف الجرّ على المفعول الثاني.
وأمّا إذا استعمل في المعنى الثاني أي فيما يكون وصفاً للشيء بلا علاقة له بشيء آخر فيكتفي بمفعول واحد ، قال سبحانه : (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى) (٣) ، وقال سبحانه : (بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) (٤) ، وقال سبحانه : (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) (٥) ، ففي جميع هذه الموارد يراد من التسوية كونها وصفاً للشيء بما هو هو ، وهو فيها كناية عن كمال الخلقة وأنّها بعيدة عن النقص والاعوجاج.
هذا هو مفهوم اللفظ لغةً ، وهلم معي ندرس الحديث وأنّه ينطبق على أيٍّ من المعنيين.
نلاحظ أنّه تعدّى إلى مفهومٍ واحد ، ولم يقترن بالباء ، فهو آية أنّ المراد هو المعنى الثاني ، وهو تسطيح القبر في مقابل تسنيمه ، وبسطه في مقابل اعوجاجه لا مساواته مع الأرض ، وإلّا كان عليه عليهالسلام أن يقول : سوّيته بالأرض ، ولم يكتف
__________________
(١) الشعراء : ٩٨.
(٢) النساء : ٤٢.
(٣) الأعلى : ٢.
(٤) القيامة : ٤.
(٥) الحجر : ٢٩.